الوفد، لما تجشموا من الأخطار والشدائد، خاصا هبيرة بالثناء من دونهم، لأنه نهض بالمهمة التي كلف بها أحسن نهوض، وحقق الآمال التي عقدها قتيبة عليها1:

لا عيب في الوفد الذين بعثهم ... للصين إذ سلكوا طريق المنهج2

كسروا الجفون على القذى خوف الردى ... حاشا الكريم هبيرة بن مشمرج

لم يرض غير الختم في أعناقهم ... ورهائن دفعت بحمل سمرج3

أدى رسالتك التي استرعيته ... وأتاك من حنث اليمين بمخرج

وكان لهذه المغازي المتصلة الموفقة التي ملأت أنباؤها الأسماع أصداؤها وآثارها في القبائل بالعراق، فقد عظمت بها منزلة القيسية، وسائر المضرية، وأخذت تكاثر بها اليمنية. وقد احتفظ الطبري بقصيدتين للكميت بن زيد الكوفي الذي عرف بعصبيته الشديدة لمضر4. أما القصيدة الأولى فروى الطبري بيتا منها يباهي فيه الكميت بفتح قتيبة لسمرقند، لأنه رد الاعتبار والمكانة للقيسية والمضرية بالمدينة، بعد أن كانت منطقة نفوذ لليمنية، ومنذ أن أغار عليها سلم بن زياد بمعاونة المهلب بن أبي صفرة سنة إحدى وستين، يقول5:

كانت سمرقند أعقابا يمانية ... فاليوم تنسبها قيسية مضر

وأما القصيدة الثانية فسرد قطعة منها، تحدث فيها الكميت عن غارات قتيبة على أهل خوارزم والصغد، وانتصاره عليهم، واحتيازه الأموال منهم، وتفريقه لها بين

طور بواسطة نورين ميديا © 2015