في أمره في رسالة بعث بها إلى هشام، وعرض فيها عليه أسماء عدد من سادة العرب بخراسان، ليختار منهم واليا لها، وقدم القيسية وأطراهم، وأخر نصرا، وطعن عليه، زاعما أنه "قليل العشيرة بخراسان"1.

وفي سنة ثلاث وعشرين ومائة أرسل نصر وفدا من أهل الشام وأهل خراسان إلى العراق، وصير عليهم مغراء ابن أحمر النميري القيسي2، وكان على العراق حينئذ يوسف بن عمر الثقفي القيسي، وكان يتعصب لقيس، ويكره نصرا ويحسده، لأن خراسان دانت له، واستقامت في ولايته، وكان يود لو جعلت إليه، فولى عليها قيسيا. فلما وفد مغراء عليه، ساءه أن يستأثر نصر بن سيار الكناني بحكم خراسان، من دون قيس، وأن يغلبها على منطقة نفوذها وسلطانها3. فأطعمه إن هو تنقص نصرا عند هشام بن عبد الملك أن يوليه السند. وأشار عليه أن يعيبه بالشيخوخة والضعف، فتردد مغراء في أول الأمر، لأن نصرا أسدى إليه جميلا لا يجحد، "إذ "كان مغراء رأس أهل قنسرين بخراسان، فآثره نصر، وسنى منزلته، وشفعه في حوائجه، واستعمل ابن عمه الحكم بن نميلة على الجوزجان، ثم عقد له على أهل العالية"4. ولكنه لم يلبث أن وافقه، ونفذ ما أغراه به، ودفعه إليه، فعاب نصرا عند هشام، ولم تخف المكيدة عليه، فقد عرف أنها من تدبير يوسف، ثم علم نصر بما حدث، "فتغير لقيس، وأوحشه ما صنع مغراء". وفي ذلك يقول أبو نميلة، صالح بن الأبار، مولى عبس، معرضا بمغراء، وواصما له بالغدر والخيانة، والتنكر لمن أحسن إليه، ورفع مكانته، ومشيدا بنصر وسياسته العادلة، وأن كل ما أرجف به المرجفون عنه لم يضر به، ولم يحط من شأنه5:

فاز قدح الكلبي فاعتقدت ... مغراء في سعيه عروق لئيم6

طور بواسطة نورين ميديا © 2015