تخاصمني بجيلة ثم تقضي ... لأنفسها لبئس الحكم ذاكا
إذا ما كان خصمك يا بن عمرو ... هو القاضي الذي يقضي علاكا1
وحسبك من بلاء أن تولى ... قضاء في أمورك من دهاكا2
ويظهر أن أسدا لم يهتم لصرخات احتجاجه، ولم يرحمه، بل مضى يسومه سوء العذاب، فكبر عليه المصاب، وتمنى لو هلك قبل أن يقبض عليه وذلك قوله3:
أضحت بجيلة من خوفي مسلطة ... خطب جليل لعمري شأنه عجب
يا ليتني مت لم تظفر بجيلة بي ... كذلك الدهر بالإنسان ينقلب
وفي سنة عشرين ومائة مات أسد ببلخ، وأقصى هشام أخاه خالدا عن العراق، واستعمل عليها يوسف بن عمر الثقفي، فولى على خراسان جديع بن علي الكرماني الأزدي، فلم يتقبله هشام، ولم يرض عنه، فأعفاه وأبعده، وعهد بالولاية إلى نصر بن سيار4، فقال يعبر عن فرحته، لاختياره لها، وظفره بها، ويفتخر بشخصيته، وكيف أن قوته وبسالته في الحرب، وما عرف عنه من حفظه للعهود، وإخلاصه للخليفة، وامتثاله لأوامره، هي التي زكته لهذا المنصب الرفيع، ويمدح أيضا هشاما، مشيدا بشجاعته وأصالته، وكيف أنه ورث الخلافة عن أجداده الأنجاد الأمجاد5.
أبت لي طاعتي وأبى بلائي ... وفوزي حين يعترك الخصام
وإنا لا نضيع لنا ذماما ... ولا حسبا إذا ضاع الذمام6
ولا نغضي على غدر وإنا ... نقيم على الوفاء فلا سلام
خليفتنا الذي فازت يداه ... بقدح الحمد والملك الهمام
نسوسهم به ولنا عليهم ... إذا قلنا مكارمه جسام