لقد صدقت البشارة النبوية: ((يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله، ينفن عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين))؛ فإنه لما ظهر بعض أنواع الشرك (في الصفات وفي الأفعال) في زمن بعض صغار الصحابة وقفوا أمامها كالسد المنيع كما فعل ابن عمر وابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ حيث قاما ضد شرك القدرية، وبيّنا أنه لا إيمان ولا توحيد لمن لم يؤمن بالقدر خيره وشره، وحلوه ومرّه.
وهكذا لما حدث شرك التعطيل في صفات الله جل شأنه وفي بعض أمور الربوبية قام التابعون ومن تبعهم من العلماء والمحدثين ضد هذه الاعتقادات الدخيلة خير قيام، حيث ألف بعضهم في الدفاع عن التوحيد وبيان حقيقة الشرك، وكتب الآخرون في جمع أقوال السلف المتعلقة بالعقيدة.
ففي القرن الثاني ـ مثلاً ـ كان العلماء قد قاموا بصد أنواع الشرك في تأليفاتهم، سواء كانت هذه التأليفات ضمن كتب الحديث أم كانت كرسائل مستقلة في هذا الباب، ولعل من أول من ألف في هذا الباب الكتاب المنسوب إلى الإمام أبي حنيفة ـ رحمه الله ـ وهو الفقه الأكبر ـ مع ملاحظة بعض الأخطاء