النقطة الثانية: في بيان كون شرك العرب في الجاهلية في الحقيقة باتخاذ المعبودات زلفى:
كانت فلسفة العرب في عبادة غير الله وإيمانهم بهذه الآلهة وتكريمهم لها إنما هو من أجل التقرب إلى الله والتشفع بها عنده ليس إلا.
وقد ذكر الله عز وجل أصل هذا الشرك والدافع إليه عند المشركين في الجاهلية بأن الذي تقرر في قلوب المشركين ـ المتقدمين والمتأخرين ـ أن آلهتهم تشفع لهم عند الله، ويزعمون أنها تقربهم إلى الله ـ تعالى ـ برفع حوائجهم إليه والشفاعة عندهم، فقال تعالى:
1 - (وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ).
قال الطبري: (يقول تعالى: والذين اتخذوا من دون الله أولياء يتولونهم ويعبدونهم من دون الله يقولون لهم: ما نعبدكم أيها الآلهة إلا لتقربونا إلى الله زلفى ـ قربة ومنزلة ـ، وتشفعوا لنا عنده في حاجاتنا ...
قال مجاهد: قريش تقوله للأوثان، ومن قبلهم يقوله للملائكة، ولعيسى بن مريم ولعزير).
فعلم بهذا: أن قوله تعالى: (ما نعبدهم) الآية من قول المشركين لآلهتهم، وقد جاء هذا مصرحًا في قراءة عبد الله بن مسعود الهذلي رضي الله عنه حيث إنه قرأ: (وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ