قال الشوكاني: إن الكفار يعتقدون في معبوداتهم وأصنامهم أنها تنفعهم في غير كشف الضر والمصائب، وأما في هذه الحالة ـ أي حالة مسهم الضر في البحر ـ فإن كل واحد منهم يعلم علمًا لا يقدر على مدافعته: أن الأصنام ونحوها لا فعل لها.
فهذه الآيات كلها تدل على أن أغلب مشركي العرب كانوا يعترفون بأن الضر والنفع من الله، وأنه ليس لهم أي كاشف عن مصائبهم غير الله سبحانه، ومعلوم أن هذا من أمور الربوبية، ولكن مع هذا هم يشركون بالله، ليس إلا بالعبادة، فاحتج الله عليهم بهذا الاعتراف على ضرورة تفرده سبحانه وحده بالعبادة.
النوع الثالث: آيات من القرآن الكريم تصرح بالشركة: ومعلوم أن الشركة لا تكون إلا بوجود الاعتراف بمن يشرك به، وهو الله جل شأنه، وهذه الآيات وإن كانت تدل على الشركة في الألوهية والربوبية معًا إلا أن الأدلة الأخرى توضح بأنهم ما كانوا يشركون في الربوبية باتخاذ الأنداد في الذات ـ إلا عند شرذمة منهم كما مر ـ، وإنما كانوا يشركون في الألوهية وبعض خصائص الربوبية، فالشركة هنا ظاهرة في الشرك في الألوهية. فمن هذه الآيات:
1 - قوله تعالى: (قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادةً قُلِ اللهِ شَهِيدٌ بِيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لأُنذِرَكُم بِهِ وَمَن بَلَغَ أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللهِ آلِهَةً أُخْرَى قُل لاَّ أَشْهَدُ قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ).