فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِن تَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ أَنتُمْ إَلاَّ تَخْرُصُونَ (148) قُلْ فَلِلّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاء لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ)، وقال في الآية الثانية: (كَذَلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلاَّ الْبَلاغُ الْمُبِينُ)، وقال في الآية الثالثة: (مَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ).
والمقصود: بيان كونهم وقعوا في شرك التعطيل في الربوبية بتعطيله عن أفعاله، وتمسكوا في تبرير شركهم بشبهة المشيئة العامة، وهي باطلة عاطلة.
قال شيخ الإسلام: (فهؤلاء يؤول أمرهم إلى تعطيل الشرائع والأمر والنهي، مع الاعتراف بالربوبية العامة لكل مخلوق ... وإن كان ذلك لا يستتب لهم وإنما يفعلونه عند موافقة أهوائهم كفعل المشركين من العرب، ثم إذا خولف هوى أحد منهم قام في دفع ذلك متعديًا للحدود غير واقف عند حد ... إذ هذه الطريقة تتناقض عند تعارض إرادات البشر، فهذا يريد أمرًا والآخر يريد ضده، وكل من الإرادتين مقدرة، فلابد من ترجيح إحداهما أو غيرهما، أو كل منهما على وجه، وإلا لزم الفساد ... ).
وقال في موضع آخر: (ولو كان القدر حجة لأحد لم يعذب الله المتكلمين للرسل كقوم نوح وعاد وثمود والمؤتفكات وقوم فرعون، ولم يأمر بإقامة الحدود على المعتدين، ولا يحتج أحد بالقدر إلا إذا كان متبعًا لهواه بغير هدى من الله، ومن رأى القدر حجة لأهل الذنوب يرفع عنهم الذم والعقاب فعليه أن لا يذم أحدًا ولا يعاقبه إذا اعتدى عليه؛ بل يستوي عنده ما يوجب اللذة وما