من المعلوم: أن العبد لا يتخلى عن العبادة؛ لأن العبودية ـ من العباد ـ صفة لازمة لهم، وذلك لسببين رئيسين هما: الفقر الذاتي، وكونه حارثًا همامًا، فلا يستطيع أحد أن يخلوا من العبادة، سواء كان للمعبود الحق أم للمعبود الباطل، بل العبادة عنصر أساسي في كيانه شاء أم أبى، فالأمم السابقة لابد أن كانوا عبادًا، إما عبادًا لله جل وعلا، حتى يدخلوا في زمرة الموحدين، وإما أنهم كانوا عبادًا لغير الله؛ فيعتبرون من المشركين.
والذي اتضح من خلال استعراض شرك الأمم السابقة أن أغلب شرك الأمم كان في العبادة، وإن اختلفت طبيعة المعبودات من أمة إلى أخرى، وأما الذين كان فيهم شرك في بعض خصائص الربوبية فهم لا محالة كانوا من المشركين مع الله في العبادة، فإن الشرك في الربوبية يستلزم الشرك في العبادة، كما أن توحيد الربوبية يستلزم التوحيد في العبادة.
وبهذا يتضح حقيقة الشرك في الأمم بأنها كانت في العبادة، وإن اختلفت المعبودات من أمة إلى أخرى؛ فبعضهم أشركوا بعبادة الله عبادة الصالحين من