قصد طاعة الله فكيف لا يثاب ... ).
يجتهد بعض العباد للتخلص من الرياء والسلامة منه، لكنهم يشتطون في ذلك، فينزلقون في مسلك: (ترك العمل خوف الرياء)؛ فترى أحدهم قد اعتاد فعل الخير، فيعرض في نفسه عارض الرياء، فيترك هذه الطاعة خوفًا من هذا العارض، ولا شك أن هذا خطأ وانحراف لا يقل خطرًا عما يقابله من الرياء والسمعة، ولقد كشف الفضيل بن عياض ـ رحمه الله ـ عن هذا الانحراف فقال: (ترك العمل لأجل الناس رياء، والعمل من أجل الناس شرك، والإخلاص أن يعافيك الله منهما).
قال النووي ـ رحمه الله ـ: (ومعنى كلامه ـ رحمه الله ـ أن من عزم على عبادة وتركها مخافة أن يراه الناس، فهو مراء؛ لأنه ترك العمل لأجل الناس، أما لو تركها ليصليها في الخلوة فهذا مستحب إلا أن تكون فريضة أو زكاة واجبة، أو يكون عالمًا يُقتدى به فالجهر بالعبادة في ذلك أفضل ... ).
ويقول ابن تيمية ـ رحمه الله ـ: (ومن كان له ورد مشروع من صلاة الضحى، أو قيام ليل، أو غير ذلك، فإنه يصليه حيث كان، ولا ينبغي له أن يدع ورده المشروع لأجل كونه بين الناس، إذا علم الله من قلبه أن يفعله سرًا لله مع اجتهاده في سلامته من الرياء ومفسدات الإخلاص ... ـ إلى أن قال ـ: ومن نهى عن أمر مشروع بمجرد زعمه أن ذلك رياء، فنهيه مردود عليه من وجوه:
أحدها: أن الأعمال المشروعة لا ينهى عنها خوفًا من الرياء بل يؤمر بها