وفي مخالفتها نشر المفاسد بإطلاق ... فأما الأول فلا يخلو أن يكون الحظ المطلوب دنيويًا أو أخرويًا، فإن كان أخرويًا فهذا حظ وقد أثبته الشرع ... وإذا ثبت شرعًا فطلبه من حيث أثبته صحيح، إذ لم يتعد ما حده الشارع، ولا أشرك مع الله في ذلك العمل غيره، ولا قصد مخالفته، إذ قد فهم من الشارع حين رتب على الأعمال جزاء أنه قاصد لوقوع الجزاء على الأعمال، فصار العامل ليقع له الجزاء عاملاً لله وحده على مقتضى العلم الشرعي، وذلك غير قادح في إخلاصه؛ لأنه علم أن العبادة المنجية، والعمل الموصل ما قصد به وجه الله، لا ما قصد به غيره).
ويقول أيضاً: (فحظوظ النفس المختصة بالإنسان لا يمنع اجتماعها مع العبادات، إلا ما كان بوضعه منافيًا لها، كالحديث والأكل والشرب والنوم والرياء وما أشبه ذلك، أما ما لا منافاة فيه فكيف يقدح القصد إليه في العبادة؟ هذا لا ينبغي أن يقال، غير أنه لا ينازع في أن إفراد قصد العبادة عن قصد الأمور الدينوية أولى ... ).
وقد سئل ابن تيمية ـ رحمه الله ـ عن رجل يتلو القرآن مخافة النسيان، ورجاء الثواب، فهل يؤجر على قراءته للدراسة ومخافة النسيان أم لا؟ فأجاب ـ رحمه الله ـ (إذا قرأ القرآن لله ـ تعالى ـ فإنه يثاب على ذلك بكل حال، ولو قصد بقراءته أن يقرأه لئلا ينساه، فإن نسيان القرآن من الذنوب، فإذا قصد القرآن أداء الواجب عليه من دوام حفظه للقرآن، واجتناب ما نهي عنه من إهماله حتى ينساه، فقد