وإن لم تسخ كان سخاؤها عندهم غير صادر عن الإخلاص، وعلى هذا فقس.
وكذلك إذا عمل العبد العمل لله خالصًا ثم ألقي له الثناء الحسن في قلوب المؤمنين ففرح بفضله ورحمته لم يضره ذلك ولم يعد مخالفاً للإخلاص، وقد سبق معنا بيان الحديث الدال عليه.
ومن الأمور التي قد يقع الخلط فيها عند بعض الناس، عدم التفريق بين الرياء ومطلق التشريك، حيث أشكل ذلك على بعض أهل العلم، فحكموا على العبادات التي قصد بها العابد أمرًا أقره الشارع بالبطلان، كمن يجاهد الكفار ولكي ينال الغنيمة ونحوهما، ولقد بين القرافي ـ رحمه الله ـ الفرق بينهما، فقال: (الفرق الثاني والعشرون والمائة بين قاعدة الرياء في العبادة وبين قاعدة التشريك فيها: اعلم أن الرياء شرك وتشريك مع الله تعالى في طاعته، وهو موجب للمعصية والإثم والبطلان في تلك العبادة، فالرياء أن يعمل العمل المأمور به المتقرب به إلى الله تعالى، ويقصد به وجه الله تعالى، وأن يعظمه الناس أو بعضهم، فيصل إليه نفعهم، أو يندفع به ضررهم.
وأما مطلق التشريك كمن جاهد لتحصيل طاعة الله بالجهاد، وليحصل له المال من الغنيمة، فهذا لا يضيره، ولا يحرم عليه بالإجماع؛ لأن الله جعل له هذا في العبادة، ففرق بين جهاده ليقول الناس: هذا شجاع، أو ليعظمه الإمام فيكثر عطاؤه من بيت المال، هذا ونحوه رياء وحرام، وبين أن يجاهد لتحصيل السبايا والكراع والسلاح من جهة أموال العدو مع أنه قد شرّك، ولا يقال لهذا: