وربما غطت ملاحظتها فحالت بين المتسبب وبين مراعاة الأسباب، وبذلك يصير العباد مستكثرًا لعبادته، والعالم مغترًا بعلمه، إلى غير ذلك).
وأما ثالثها: وهو ما أشار إليه ابن رجب ـ رحمه الله ـ بقوله: (وهاهنا نكتة دقيقة، وهي أن الإنسان قد يذم نفسه بين الناس، يريد بذلك أن يرى الناس أنه متواضع عند نفسه؛ فيرتفع بذلك عندهم ويمدحونه به، وهذا من دقائق أبواب الرياء).
علاج الرياء:
إن لكل داء دواء علمه من علمه وجهله من جهله، ولداء الرياء ـ وكذا غيره مما يضاد الإخلاص ـ أنواع من العلاج والدواء، فمنها:
* أن يعلم المكلف علمًا يقينيًا بأنه عبد محض، والعبد لا يستحق على خدمته لسيده عوضًا ولا أجرة، إذ هو يخدمه بمقتضى عبوديته، فما يناله من سيده من الأجر والثواب تفضل منه وإحسان إليه لا معارضة.
* مشاهدة لمنة الله عليه وفضله وتوفيقه، وأنه بالله لا بنفسه، وأنه إنما أوجب عمله مشيئة الله لا مشيئته هو، فكل خير فهو مجرد فضل الله ومنته.
* مطالعة عيوبه وآفاته وتقصيره وما فيه من حظ النفس ونصيب الشيطان، فكل عمل من الأعمال إلا وللشيطان فيه نصيب وإن قل، وللنفس فيه حظ.
* سوء ظنه بنفسه وعمله وبغضه لها، وكراهته لأنفاسه وصعودها إلى الله، فإنه يحول بينه وبين الرضى بعمله والرضى عن نفسه والعجب والرياء.