الشفاعة منه بسؤاله إياها، بل مضى الخلفاء الراشدون ولم يسأل أحد منهم نبي الله الشفاعة بعد موته، ولوكانت مشروعة لكانوا أحرص عليها، ولم يتركوا طلبها منه بعد موته، فلو لم يكن تغير نوع الحياة له أثر عندهم لما تركوا ذلك. وكذلك مضى التابعون وتابعوهم بإحسان وتابعوهم. حتى نشطت الدعوات الباطنية التي تسترت بالتشيع لأهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم، بل إنهم ألفوا الكتب باسمهم، وهذا ظاهر لمن درس حركة إخوان الصفا والعبيديين. فالمقصود من هذا: أن الاستشفاع بالنبي صلى الله عليه وسلم بسؤاله الشفاعة بعد موته محدث أحدثه الباطنيون.

الثاني: ـ وهو الأهم ـ أن أهل السنة مجمعون على أن للنبي صلى الله عليه وسلم أنواعاً من الشفاعة يشفع بها، ولم يذكروا منها طلبها منه في قبره، بل كلها يوم القيامة.

وأما الرد على الدعوى الثانية: بأن الرسول صلى الله عليه وسلم يشفع الآن في قبره، فيقال:

أولاً: شفاعة الرسول صلى الله عليه وسلم في قبره لأمته ليس عليه دليل صحيح لا من الكتاب والسنة ولا من العقل، إذ انتقل الرسول إلى دار غير هذه الدار وهي دار الآخرة، وحياة الرسول في قبره حياة برزخية، لا يدري كنهها إلا الله، ولم يخبرنا الرسول عن حقيقة هذه الحياة، فقياس الحياة البرزخية على الحياة الدنيا قياس مع الفارق.

ثانياً: لم يأت نص صحيح دال على شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم لمن يتشفع به، بل النصوص كلها متضافرة على أن الرسول صلى الله عليه وسلم إنما يشفع يوم القيامة، فإنه قد جاء في حديث الشفاعة، ((أول شافع أول مشفع))، وهذه الشفاعة هي الشفاعة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015