الأمر من الله سبحانه بخصوص الشفاعة ـ.
وقبل أن نرد على هاتين الشبهتين يحسن بنا أن نذكر الأدلة التي يتشبثون بها على هذا المعتقد، فأقول:
إن للمتصوفة تجاه هذا المعتقد ثلاثة أنواع من الاستدلالات.
منها: استدلالهم ببعض الأحاديث الصحيحة الواردة في الشفاعة ولكنها لا تدل على المدّعي بأي شكل من الأشكال، بل تدل على ضد مقصدهم. فمثلاً تراهم كثيرًا ما يستدلون بحديث الشفاعة العظمى في ميدان المحشر بأن الرسول صلى الله عليه وسلم له حق الشفاعة مطلقاً، ولكنهم لا ينظرون إلى آخر الحديث الذي فيه: ((ارفع رأسك، سل تعط، اشفع تشفع)). حيث هذا الجزء من الحديث دل دلالة صريحة على أن الرسول ما بدأ بالشفاعة حتى أذن له بها، وأمر بها.
ومنها: استدلالهم ببعض الأحاديث الموضوعة والواهية: مثل ما روي: ((من زار قبري وجبت له شفاعتي)). ومعلوم أن هذا من الأحاديث الواهية المكذوبة على الرسول صلى الله عليه وسلم عند المحققين.
ومنها: قياسهم الخالق على المخلوق، حيث إن المخلوق غالباً يتوسط في الوصول إلى الكبار للحصول على مقاصدهم فيقيسون الخالق عليه للوصول إليه. وقد سبق معنا أن هذه هي الشبهة الرئيسة للمشركين الأولين والآخرين وقد أطلنا الكلام في الرد عليها في شبهة الواسطة فلينظر ها هنا.