تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى). وغير ذلك من الآيات في الذكر الحكيم.
وهناك آيات أخرى ذكرت الانتفاع بالشفاعة يرضى الله، واتخاذ الشافع والمشفوع له عهدًا عند الله. مثل قوله تعالى: (وَلا يَشْفَعُونَ إِلا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُم مِّنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ (28) وَمَن يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلَهٌ مِّن دُونِهِ فَذَلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ)، وقوله تعالى: (لا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ إِلا مَنِ اتَّخَذَ عِندَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا)، وقوله تعالى: (يَوْمَئِذٍ لا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلا). وآيات أخر لا تخفى على من تتبع ما في الباب من آيات.
فإذا تبين أن الله تبارك وتعالى قد نفى في كتابه شفاعة، وأثبت شفاعة، وجب على طالب الحق أن ينظر في هذه الشفاعة المنفية، والشفاعة المثبتة، ومعنى هذه وهذه، حتى لا يضل في هذا الأمر الذي ضل فيه فئام من أمة محمد صلى الله عليه وسلم، وإنما كان سبب ضلالهم أن كل فرقة أخذت بآية وبنت عليها أحكام ولم تتتبع آيات الشفاعة في القرآن، فضربوا كتاب الله بعضه ببعض. والقرآن حق كله، والحق لا يناقض حقاً أبدًا.
فالآيات الأولى دلت على أن هناك شفاعة منفية ليست لأحد من الخلق، وهذه الشفاعة هي ذلك النوع الذي يظنه المشركون في الجاهلية.
وأولئك المشركون ظنوا أن الشفاعة عند الله كالشفاعة عند غيره، وهذا