يقال: إن الميت أو الغائب ظرف للنداء أو الإغاثة أو الشفاء أو الإنجاء، حتى يقال: إن هذه النسبة مجازية، والفاعل في الحقيقة هو الله تعالى، فهذا المجاز لا يتصوره أحد، ولا يصح في مثل هذه الصورة ألبتة.

وأما الصورة الثانية من المجاز التي هي: أن هذا المنادي المستغيث يقصد: أن الشافي والناصر والمنجي والمغيث هو الله تعالى في الحقيقة، ولكن يرى أن الولي الفلاني الذي يستغيث به ويناديه هو مجرد سبب لذلك.

فيقال لهم: إن هذا الاحتمال أيضاً غير وارد، ولا يصح المجاز في هذه الصورة أيضاً، لأن هذا المنادي المستغيث بهذا الولي الميت، أو الحي الغائب، لابد له من أن يعتقد فيه عقائد ثلاثاً:

الأولى: أن هذا الولي الميت أو الحي الغائب يسمع صوته ونداءه فوق الأسباب العادية.

الثانية: أنه يعلم بحاله ويطلع على مصيبته.

الثالثة: أن يعتقد فيه أنه يقضي حاجته بأن يشفع له عند الله.

فلابد من هذه العقائد الثلاث، وإلا لا يمكن جعله سببًا.

وإذا تحقق أنه لابد من أن يعتقد هذا المنادي المستغيث في ذلك المنادى المستغاث ـ الميت أو الحي الغائب ـ السمع المطلق، والعلم المطلق، والقدرة المطلقة، ومعلوم أن هذه كلها من صفات الله الخاصة به سبحانه، فالميت أو الحي الغائب لا يسمع نداء المستغيث، ولا يعلم بحاله ولا يطلع على مصيبته، فقد قال تعالى: (وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ)، وقال تعالى: (وَهُمْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015