على هذا.

(إن أعلم الأمة بالقرآن ومعانيه هم سلف الأمة ومن سلك سبيلهم، فلم يفهم منها أحد من السلف والخلف إلا المجيء إليه في حياته، ليستغفر لهم، ... فلما استأثر الله عز وجل بنبيه صلى الله عليه وسلم ونقله من بين أظهرهم إلى دار كرامته لم يكن أحد منهم قط يأتي إلى قبره ويقول: يا رسول الله، فعلت كذا وكذا فاستغفر لي، ومن نقل هذا عن أحد منهم فقد جاهر بالكذب والبهت.

أفترى عطّل الصحابة والتابعون وهم خير القرون على الإطلاق هذا الواجب الذي ذم الله سبحانه من تخلف عنه وجعل التخلف عنه من أمارات النفاق، ووفق له من لا توبة له من الناس، ولا يعد من أهل العلم؟ ! وكيف أغفل هذا الأمر أئمة الإسلام وهداة الأنام من أهل الحديث والفقه والتفسير ومن لهم لسان صدق في الأمة فلم يدعوا إليه ولم يحضوا عليه ولم يرشدوا إليه، ولم يفعله أحد منهم ألبتة، بل المنقول الثابت عنه ما قد عرف مما يسوء الغلاة فيما يكرهه وينهى عنه من الغلو والشرك الجفاة عما يحبه ويأمر به من التوحيد والعبودية ...

ومما يدل على بطلانه قطعًا: أنه لا يشك مسلم أن من دعي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في حياته وقد ظلم نفسه ليستغفر له فأعرض عن المجيء وأباه مع قدرته عليه كان مذمومًا غاية الذم مغموصًا بالنفاق، ولا كذلك من دعي إلى قبره ليستغفر له، ومن سوى بين الأمرين وبين المدعوين وبين الدعوتين فقد جاهر بالباطل، وقال على الله وكلامه ورسوله وأمناء دينه على الحق.

وأما دلالة الآية على خلاف تأويله فهو أنه سبحانه صدرها بقوله: (وَمَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015