جـ- استدلال القبورية المتصوفة بقوله تعالى: (وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا).

وجه الاستدلال: أن الرسول صلى الله عليه وسلم حي في قبره، وإلا لما جاز طلب الاستغفار منه. وما دام أنه حي في قبره وقد أمر في الآية بطلب الاستغفار منه، فإنه يكون مرغوباً فيه وليس منهياً عنه.

يجاب عن هذا الاستدلال بما يلي:

إن الآية وردت في قوم معينين، وليس هناك لفظ عام حتى يقال: إن العبرة بعموم اللفظ لا لخصوص المورد، بل الألفاظ الدالة الواقعة في هذه الآية كلها ضمائر. وقد ثبت في مقره أن الضمائر لا عموم لها.

إن المقصود بهذه الآية المجيء إلى الرسول صلى الله عليه وسلم في حياته فقط، فإن هذه الآية نزلت في شأن المنافقين الذين دعوا الله وحكم رسوله صلى الله عليه وسلم فصدوا واحتكموا إلى الطاغوت، فظلموا أنفسهم، ولم يجيئوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تائبين منيبين ليستغفر لهم.

إن اللفظ العام لا يتناول إلا ما كان من أفراده، والمجيء إلى قبر الرجل ليس من أفراد المجيء إلى عين الرجل لا لغة ولا شرعًا ولا عرفاً، فإن المجيء إلى الرجل ليس معناه إلا المجيء إلى عين الرجل، ولا يفهم منه أصلاً أمر زائد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015