...
الفصل الرابع: بداية العصور التاريخية
"أو عصر بداية الأسرات – منذ أواخر الألف الرابع ق. م."
تبدأ العصور التاريخية لكل شعب قديم ببداية اهتداء أهله إلى علامات واصطلاحات محددة يتفاهمون بها عن طريق الكتابة ويستخدمونها في تسجيل أخبار حوادثهم الرئيسية وتدوين بعض معارفهم الدنيوية وعقائدهم الدينية ولو بطريق الإيجاز، عوضًا عن الاكتفاء بتداولها عن طريق الرواية أو الاكتفاء بالتلميح إليها عن طريق الرسم والرمز إليها عن طريق الأساطير. أو هي تبدأ بمعنى آخر ببداية العصر الذي يحاول أهله أن يكتبوا فيه تاريخهم بأنفسهم ويصفوا فيه أعمالهم للأجيال التي تليهم. وتقترن هذه البداية عادة بأحد اعتبارين آخرين أو بكليهما، وهما: بداية اصطباغ حضارة شعبها بصبغة قومية متجانسة، ثم بداية ائتلاف بلدها في وحدة سياسية مستقرة تهتم بالكتابة وتسجل بها شئونها وتنظم أمور الحكم والإدارة وترسيها على أسس مستقرة صريحة، وبناء على هذه الاعتبارات الثلاثة، وبناء على الاعتبار الأول منها بخاصة، أصبحت بداية العصور التاريخية لكل شعب قديم بداية اعتبارية محضة، تخصه وحده، ويختلف زمنها فيه عن زمنها عند غيره من الشعوب. وعن طريقها تميزت مصر من غيرها من الشعوب في قدم تاريخها المكتوب ووفرته1.