بين الصعيد وبين الدلتا:

تشعبت آراء المؤرخين عن أصحاب الحضارة النقادية الثانية وعن موطنهم الأصلي وعن الطريقة التي فرضوا بها حضارتهم على أصحاب الحضارة الأولى. ولن نطيل هنا في عرض هذه الآراء ومناقشتها وإنما يكفي أن نقول إنها اتجهت اتجاهين رئيسيين: اتجاهًا افترض أن أصحابها وفدوا على وادي النيل من منطقة قريبة منه مثل جبال البحر الأحمر وشبه جزيرة سيناء وشمال الحجاز1. واتجاهًا آخر افترض أن أصحابها كانوا من أهل الوجه البحري أي من أهل مصر نفسها2. وقد أيدنا هذا الاتجاه الأخير في الجزء الأول من كتابنا عن حضارة مصر القديمة وآثارها، بأدلة من نماذج الرسوم وأشكال الأواني الحجرية والفخارية وصور المراكب ورموزها وطرز مقاطع القتال وغيرها3، ويؤدي بنا هذا الرأي إلى حديث قصير عن الوجه البحري وظروفه القديمة.

فقد ظلت مناطق الوجه البحري أقل حظًّا من مناطق الوجه القبلي فيما بقي من آثارها الحضارية القديمة، يستوي في ذلك حظها من آثار فجر التاريخ وحظها من آثار العصور التاريخية نفسها. وترجع أسباب هذه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015