فصنعت من الصلصال والجص والحجر والمعدن1. ومن أمتع ما بقي منها في المعابد تمثال دقيق لكلبة "تشبه فصيلة البولدوج" تحمل آنية فوق ظهرها وتلتفت برأسها، ومثل الفنان شعر رأسها وتهدل أذنيها وطيات عنقها وتفاصيل مخالبها تمثيلًا صادقًا بارعًا، وسجل على بدنها إهداء من سومر إيلو ملك لارسا إلى إحدى ربات لجش2. وتجري مجرى هذا التمثال الصغير من حيث الإتقان عدة أوانٍ نقشت سطوحها بأشكال حيوانية وجسمت رءوس حيواناتها وأطلت مقدماتها من زوايا الآنية وطعمت عيونها تطعمًا بارعًا3.
واحتفظت مدن إسين ولارسا وإشنونا وماري وآشور بنماذج من فنون عصرها. وتعتبر فنون ماري أمتعها أسلوبًا وتعبيرًا، وكانت كذلك منذ عصر الإحياء السومري، ويبدو أن قربها من مواطن الحضارة الشامية كفل لها ثروة متنوعة من أساليب الفنون الشامية والعراقية في آن واحد، فتخير فنانوها ما يناسب أذواقهم من الجانبين، وظلوا أميل إلى إيثار المذهب الواقعي والأسلوب السلس وطابع السماحة في فنهم، وذلك بحيث لا يخلو أكثر تماثيلهم غلظة من ملامح الطيبة والوداعة4. وتجلت في تماثيلهم بوجه عام طراوة مستحبة في تشكيل خطوط الأجزاء العارية من الجسم وتشكيل طيات الثياب وزركشاتها5. وتأثرت تماثيل المعبودات بروح البساطة نفسها، فبقي منها تمثال لمعبودة لا تكاد بملامح وجهها واسترسال شعرها وطراز ثوبها وصورة قلادتها تختلف عن هيئات سيدات شمال سوريا الحاليات في شيء كثير، وقد ضمت إلى صدرها آنية أسطوانية صغيرة اتصلت فتحتها السفلى بجسم تمثالها، ويحتمل أن الماء كان يصلها عن طريق أنبوبة في ظهره ويندفع منها إلى حوض تطل عليه بما يشبه تماثيل النافورات6.
وظلت تماثيل آشور في أخشن تماثيل عصرها7، بينما ظلت تماثيل إشنونابين بين8.
واحتفظت كل من إشنونا وماري بأطلال من قصور حكامها، ويرجع قصر إشنونا إلى عصر تبعيتها لدولة أور الثالثة، ويبدو أنه تضمن إلى جانب مقر صاحب إدارات الحكم الرئيسية في إمارته، وكان من طابقين، ويفضي مدخله إلى ممر جانبي مسور طويل يتعين على الداخل أن يسلكه قبل أن يصل إلى الفناء الداخلي الكبير، ثم يقطع هذا الفناء على طريق ممهد بالطين قبل أن يبلغ مجلس الأمير، وذلك بما يكفل الأمان لصاحب القصر ويسمح لحراسه بمراقبة الداخلين إليه. وقام في طرفي القصر معبدان، معبد صغير؛