انتعشت خلال هذا العصر في الوقت ذاته أحوال الطبقة الوسطى ونمت فيه روح الفردية، وظهرت خلاله مبادئ سياسية وعقائد دينية متحررة. وقد امتد العصر من أعقاب نهاية عصر الأسرة السادسة حتى نهاية عصر الأسرة العاشرة في أواسط القرن الحادي والعشرين ق. م.
خامسًا- عصور الدولة الوسطى: وهي عصور تميزت باستعادة مركزية الحكم ووحدة السياسة في الداخل وفي الخارج، مع الإبقاء على ازدهار الفردية. واتسعت مجالات التأثير والتأثر فيها بين مصر وبين جيرانها في الشرق الأدنى وجزر البحر المتوسط. واعتبرت العصر الذهبي لكل من اللغة المصرية وآدابها. وقد استمرت نحو ثلاثة قرون، ابتداء من عصر الأسرة الحادية عشرة حتى أوائل عصر الأسرة الثالثة عشرة أوائل القرن الثامن عشر ق. م. وكانت من عواصمها طيبة في الصعيد، واللشت عند مدخل مصر الوسطى، ومنف قرب رأس الدلتا.
سادسًا- عصر الانتقال الثاني "أو عصر اللامركزية الثانية": وكان انتقالًا اضطراريًّا من حال الوحدة إلى التفكك ومن الاستقرار إلى القلق، وامتد بمشكلاته فيما بين أواخر عصر الأسرة الثالثة عشرة وبين أواخر عصر الأسرة السابعة عشرة، وشغلت أغلب أيامه محنة الهكسوس، وانتهى في أوائل القرن السادس عشر ق. م. بإجلاء الهكسوس وتشتيتهم وتحرر البلاد منهم.
سابعًا- عصور الدولة الحديثة: وقد بدأت بعودة الاستقرار والاستقلال القومي الكامل ومركزية الحكم ثانية، وتميزت ببلوغ الذروة في الرخاء العام وفي الفنون ورقي مذاهب الدين ومرتبة الوحدانية، كما تميزت بالانطلاق الواسع في مجالات السياسة الدولية والتوسع الخارجي. وبدأت خصائصها ببداية عصر الأسرة الثامنة عشرة حوالي عام 1575ق. م، وعمرت نيفا وستة قرون، حتى بلغت خواتيمها بنهاية عصر الأسرة الحادية والعشرين خلال القرن العاشر ق. م.
ثامنًا- العصور المتأخرة "أو خواتيم العصور الفرعونية": وهذه بدأت مظاهرها منذ القرن العاشر ق. م، وتذبذب النشاط المصري خلالها بين مد وجذر في مجالات السياسة والحروب واختلطت فيها العناصر الدخيلة بالمصريين اختلاطًا ملحوظًا. وتأثرت مصر فيها بتأرجح موازين القوى بين ... الشرق والغرب القديمة، وابتدأت مقاليد الحضارة والسيادة تنفلت منها إلى غيرها، بل وتعرضت أرضها لأكثر هجوم خارجي، ثم انتهت بانتهاء الحكم الفرعوني القومي بعد عصر الأسرة الثلاثين، مع فتح الإسكندر المقدوني لمصر في خريف 332ق. م، إلى جانب غيرها من أقطار الشرق القديم.
تعددت المصادر المادية والمكتوبة والمصورة للعصور التاريخية المصرية القديمة السابقة بما يعبر عن آداب أهلها، وعلومهم، وعقائدهم، وفنونهم، وحرفهم، وأوضاعهم السياسية، واتصالاتهم الخارجية، تعددًا واسعًا فعبر عن الجوانب الفكرية والأدبية والعلمية القديمة من التراث المصري ما تضمنته مخطوطات البردي ونصوص