وترتبت على بدايات معرفة الزراعة في الشرق الأدنى نتائج اجتماعية وعمرانية واقتصادية متعددة كانت أساسًا لبعض ما تلاها من مظاهر الحضارات التاريخية:
فقد ترتب على الاشتغال بالزراعة زيادة التماسك الأسري بين الأفراد نتيجة لإمكان انتفاع رب كل أسرة بمجهودات أولاده وبناته وزوجاته في عمليات الزراعة، ثم زيادة الاستقرار السكني بين الزارعين نتيجة لحرصهم على الإقامة بجوار مزروعاتهم لرعايتها وحمايتها ثم للانتفاع بها، وزيادة الاستقرار المعيشي بينهم نتيجة لإمكان تحكم الإنسان في محصول أرضه بقدر ما يبذله فيها من الجهد، وزيادة تعوده على الادخار للاستعانة بمحصوله المدخر على المعيشة في غير فصول الإنبات وفي مواسم الجفاف. مع زيادة التعاون بين الأقارب في استصلاح المزيد من الأرض واستغلالها. وازدياد الميل إلى التجمع بين الجيران في سبيل حماية المناطق المزروعة ودرء أخطار الفيضانات عنها. ثم التماس الفرد للأمن وسط الجماعة وفي حماية المجموع، مع زيادة إحساسه بفرديته وشخصيته نتيجة لما أصبح يمتلكه من الأرض الزراعية وما يستغله عليها من الحيوانات الأليفة، وإن وضحت الفوارق الاقتصادية في الوقت نفسه مع حياة الزراعة بين المالك وبين الأجير وبين الغني وبين الفقير.