بها مظاهر الملكية المثالية المفروضة فيه، فعكس القوة الذهنية الجبارة على ملامحه وأظهر ابتسامة مترفعة على شفتيه، وشد عضلات وجهه في قوة واضحة.
ونحت مثال آخر تمثالًا صغيرًا للفرعون نفسه، صوره فيه على سجيته، وفي هيئة طبيعية خالصة، وفي وقفة متراخية، وفي امتلاءة ودعة، وفي ثوب طويل ذي ثنيات عديدة مزركشة. وأجرى سطوح بدنه في نعومة وأناقة مترفة1. وضاع رأس هذا التمثال للأسف ولا ندري كيف كانت ملامحه.
وكانت الملكة تي زوجة أمنحوتب امرأة مكتملة الأنوثة ذات جاذبية طاغية، وشخصية قوية، تحكمت بهما في قلب زوجها على الرغم من أنها لم تكن من أسرته المالكة، فاطمأن إليها وأظهرها معه في حفلاته وسجل اسمها مع اسمه في بعض مراسيمه، وأشركها في تقرير علاقاته بملوك الشرق وأمرائه. وعمل في خدمة تي عدد من الفنانين، استحب بعضهم الأسلوب الواقعي المرفه، وبقيت من إنتاجهم عدة رءوس صغيرة لتماثيل الملكة2، لم يراعوا تجميلها، بقدر ما راعوا أن يعبروا فيها عن ملامح صريحة وشخص قوية تمتاز بإرادة نفاذة وطابع فريد ومزاج خاص.
ونحت أولئك الفنانون عدة تماثيل لحكيم عصرهم أمنحوتب بن حابو، مثلوه فيها على هيئة الكاتب، وصوروه في واحد منها شيخًا بوجه نحيل بارز العظام، انكمشت طيات جسده نتيجة لكبر سنه، وكشفت ملامحه عن صلابة الرأي عند الشيوخ، وعما يتوافر لهم عادة من خبرة وحكمة وتجارب طويلة3.
واستخدم مثالو المدرسة الثانية الأسلوب الجمالي المنمق في خدمة أولئك الثلاثة الكبار، فنحتوا لأمنحوتب الثالث مع زوجته عدة تماثيل، حولوا استطالة وجهه فيها إلى استدارة. وأشهرها مجموعة مثلته هو وزوجته وبناته، وبلغ ارتفاع تمثاله فيها وارتفاع تمثال الملكة نحو 17 مترًا4. وبقيت من إنتاجهم كذلك قطعة من وجه الملكة تي نحتوها لها في شبابها، وأفرغوا في شفتيها حلاوة وسحرًا ما بعدهما من مزيد5. ونحتوا تمثالًا أينقًا لابن حابو، مثله هذه المرة على هيئة كاتب شاب بوجه ممتلئ، ترهلت طيات جسده عن امتلاء وصحة وحياة رغدة، ومال بوجهه على برديته مستغرقًا في تفكير عميق.
وأشبع الأسلوب الجمالي هؤلاء روح الترف التي استحبها أثرياء عصرهم. فجسموا في تماثيلهم النعيم الذي عاشوا فيه، وأظهروا وجوهها ممتلئة؛ ونحتوا تفاصيلها رقيقة مجملة. وأظهروا أجسامهم غضة