نمو البيروقراطية:

أسلفنا في عرضنا للأوضاع السياسية خلال عصر الأسرة الخامسة أنه توافر لكبار الأفراد حينذاك، أي كبار الموظفين والكهنة بخاصة، نصيب واسع من القيم الاعتبارية والإمكانيات المادية، وأن أسباب التقارب بينهم وبين فراعنتهم ازدادت شيئًا فشيئًا، دون أن يؤثر هذا التقارب في هيبة الفراعنة تأثيرًا ذا بال، ودون أن يؤثر في ولاء كبار الموظفين والكهان الفراعنة تأثيرًا ذا بال، وأن الفراعنة لم يجدوا بأسًا في أن يعهدوا إلى أبناء كبار موظفيهم المقربين بمناصب آبائهم من حين إلى حين. وقد ازدادت سياسة التقارب هذه بين الفريقين في عصر الأسرة السادسة، فازداد سماح بعض فراعنتها بتزويج بناتهم من كبار موظفيهم1، بل وتزوج أحدهم من ابنتي أحد كبار ولاته "راجع ص141"، وتوسعوا في تربية أبناء كبار موظفيهم في قصورهم2. وأزادوا مراسيم الإعفاء التي كانوا يحررون المعابد بها من بعض التكاليف المفروضة عليها3، ويكتسبون ولاء الكهنة وحسن السمعة عن طريقها، وإن خسروا بها جانبًا غير قليل من موارد خزائنهم، وكان منهم من يبدأ مرسومه بإعفاء أوقاف تماثيله وقرابينه في معبد معين من التكاليف المفروضة عليها، أي أنه يبدأ بمراعاة صالحه أولًا، ثم يعمم الإعفاء على أوقاف المعبد كله.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015