وهذا كما سبق بيانه وإن كان ثَمَّ رواية عن الإمام أحمد رحمه الله تعالى رجحها شيخ الإسلام ابن تيمية أن النجاسة تزال بكل مائع مزيل كالخل ونحوه وهو مذهب أبو حنفية ولكن هذا مذهب ضعيف والأرجح هو الأول لعله مر شيء معنا من الأدلة إذاً لا يجوز إزالتها بغير الماء الطهور وهو المذهب مطلقاً قال الخطابي [إنما تزال النجاسة بالماء دون غيره من المائعات وهو قول الجمهور] ونسبه النووي في المجموع إلى جماهير السلف والخلف، النجاسة ثلاثة أقسام: الأولى: نجاسة معنوية، والثانية: نجاسة عينة، والثالثة: نجاسة حكمية، معنوية هي نجاسة الشرك قال الله تعالى (إنما المشركون نجس) يعني بنجاسة الشرك وأما أعيانهم فهذه في حال الحياة ليسوا بأنجاس أما في الممات فهم أنجاس (إنما المشركون نجس) إذاً بنجاسة الشرك وطهارتها تكون بالتوحيد وأما بدن المشرك فهو طاهر وكذلك عرقه وريقه وما يصنعه فطاهر على الأصل، ثانياً: نجاسة عينية وهي التي عرفناها فيما سبق عين مستقذرة شرعاً - حينئذٍ - نقول ما له جرم أو طعم أو رائحة أو لون فهو نجاسة عينية يعني ما يدرك بالبصر وعين جامدة يابسة أو رطبة أو مائعة فهذه لا تطهر بحال وليست دخلة معنا في هذا الباب ألبته يعني النجاسة العينية ليست هي المرادة هنا وسميت عينية لأنها تدرك بحاسة البصر وإن لم تكن مختصة به يعني تدرك بالشم وبذوق وليست منحصرة في ذلك ولكن سميت عينية نسبة إلى العين لأن في الغالب إنما تدرك بالبصر وليست منحصرة في إدراك البصر بل قد تدرك بغير ذلك، النوع الثالث: نجاسة حكمية وهذه هي التي عنون لها المصنف هنا إذاً ليست النجاسة العينية وليست النجاسة المعنوية وإنما المراد بها النجاسة الحكمية وهي لا يمكن أن تفهم إلا بمعرفة النجاسة العينية؛ وحقيقتها: هي الطارئة على محل طاهر؛ النجاسة الحكمية هي الطارئة على محل طاهر يعني نجاسة عينية تقع على بدن طاهر فنحكم على البدن هو في الأصل طاهر فنحكم على البدن بكونه نجساً هل هو نجس عيناً أو بحلول هذه النجاسة عليه؟ لا شك أنه الثاني ويكون الثوب طاهراً نقياً فيقع عليه قطرة بول - حينئذٍ - نقول البول نفسه نجاسة عينية والثوب نجاسة حكمية؛ لماذا؟ لأنه في الأصل هو طاهر وإنما حكمنا عليه بكونه نجساً حكماً؛ لماذا؟ لوقوع النجاسة العينية عليه إذاً الحكمية هي الطارئة على محل طاهر فالأصل يكون طاهر تقع عليه نجاسة عينية فنحكم على هذا الطاهر بكونه نجساً لكن ليست نجاسة عينية وإنما هي نجاسة حكمية والحكمية بعضهم قال ما ليس لها ذلك يعني ما ليس لها جرم أو طعم أو رائحة أو لون وهو كذلك كالبول إذا جف وعدمت صفاته مع تيقن إصابته سميت حكمية لأنها لا تدرك بحاسة من الحواس الخمس فلا يشاهد لها عين ولا يدرك لها طعم ولا رائحة ومع وجود ذلك فيها تحقيقاً أو تقديراً هذه النجاسة الحكمية على أربعة أنواع: سيتعرض لها المصنف لكن دون تقسم النوع الأول: وهذا عند الحنابلة وعند الشافعية أقسام النجاسة أربعة: النوع الأول: نجاسة مغلظة وهي نجاسة الكلب والخنزير، ثانياً: نجاسة مخففة وهي نجاسة بول الغلام الذي لم يأكل الطعام ونجاسة المذي لأنه جاء فيه الرش النضح دون الغسل، ثالثاً نجاسة متوسطة بين ذلك