حنيفة رحمه الله تعالى لا يوجب الغسل لأنه بهيمة وليست في حكم المنصوص ولا في معنى المنصوص وإنما الجماع ولإنزال والشهوة إنما تكون في الأصلي لبني آدم وأما كونه يشتهي بهيمة هذا منكوس الفطرة حينئذٍ لا يتعلق به حكم لكن الجمهور على أن هنا معلق بالشهوة والإنزال والإيلاج فمتى ما أولج في فرج بقطع النظر عن كونه مشتهى أو لا فقد وجب الغسل فالبهيمة في معنى الآدمي هنا أو ميت هذا واضح بين أنه داخل في النصوص لعمومها (ولو من بهيمة أو ميت) قال الشارح [أو نائم أو مجنون أو صغير يجامع مثله وكذا لو استدخلت ذكر نائم أو صغير ونحوه] مجرد الإيلاج موجب للغسل سواء كان الذكر مستيقظ نائم مستيقظ يعني من رجل مستيقظ أو من رجل نائم متى ما حصل الإيلاج حينئذٍ وقع أو استوجب الحكم الشرعي وهو وجوب الغسل، قال أبو حنيفة [لا يجب الغسل بوطء الميتة ولا البهيمة] وهذا الذي رعاه المصنف بقوله (ولو) لأنه [ليس بمنصوص ولا في معنى المنصوص ولنا أنه إيلاج في فرج فوجب به الغسل كوطء الآدمية في حياته وهو داخل في عموم النصوص وما ذكروه يبطل بالعجوز والشوهاء] لأنهم قالوا بأن البهيمة لا تشتهى وكذلك لو قيل بأن الحكم معلق بالشهوة تشتهى أو لا؛ العجوز كذلك لا تشتهى مع كونه لو أولج لوجب الغسل كذلك الشوهاء لا تشتهى لكن لو أولج لوجب الغسل، (إسلام كافر) أي الثالث من موجبات الغسل إسلام كافر سواء كان الكافر أصلياً أو مرتداً هذا المذهب عند الحنابلة وسواء وجد منه ما يوجب الغسل أو لا؛ يعني قد ينزل قبل الإسلام ولا يغتسل ثم يسلم إذاً وجد منه سبب الغسل وسواء اغتسل له قبل إسلامه أو لا؛ يعني مطلقاً (إسلام كافر) سواء وجد منه سبب للغسل قبل إسلامه أو لا؛ سواء اغتسل لذلك الموجب أو لا؛ لأن قيس ابن عاصم أسلم (فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يغتسل بماء وسدر) رواه أحمد والترمذي وحسنه هذا دليلهم (فأمره) والأمر هنا للوجوب والخبر إذا صح كان حجة من غير اعتبار شرط آخر وأمر النبي صلى الله عليه وسلم لواحد من الصحابة أمر لجميع الصحابة فلما أسلم قيس بن عاصم أمره أن يغتسل حينئذٍ دل على أن الكافر إذا أسلم وجب عليه الغسل وهذا الحديث صححه الترمذي وابن سكن ورواه أبو داود والنسائي وابن حبان وغيره، وروى أحمد أن ثمامة أسلم فقال صلى الله عليه وسلم (مروه أن يغتسل) هذا أمر والأمر لا يقتضي الوجوب ولأن لا يسلم غالباً من جنابة وأقيمت المظنة مقام الحقيقة كالنوم، وثَمَّ رواية آخر عن الإمام أحمد رحمه الله تعالى [أنه لا يجب الغسل لإسلام كافر] وهذه الرواية هي المرجحة وهي الصحيح ولذلك نسقط هذا الموجب ونقول إسلام كافر هذا يترتب عليه استحباب الحكم لا الوجوب بمعنى أنه يستحب له أن يغتسل لأمر النبي صلى الله عليه وسلم وهنا (أمره) وقال (مروه أن يغتسل) حمله على الوجوب فيه نظر لأن صيغة أمر اللفظ هذا لا يدل على الوجوب ليس من صيغ الوجوب بل هو في الطلب مطلقاً سواء كان جازماً أو لا، ولذلك نقول المندوب مأمور به على الصحيح مأمور به حقيقة أو مجازاً؟ حقيقة على الصحيح حينئذٍ إذا كان المندوب مأموراً به صح أن يقال بأن افعل هذا أمر وإذا كان كذلك حينئذٍ لا يتعين حمل هذه الصيغة على الإيجاب