عرق فتوضئ لكل صلاة) (أنه) أي الخارج (دم عرق فتوضئ لكل صلاة) أمرها النبي صلى الله عليه وسلم هنا بالوضوء وعلل بـ (أنه دم عرق فتوضئ) علل إيجاب الوضوء بكونه دم عرق حينئذٍ كل ما وجدت العلة وجد الحكم لأن الدم الذي يخرج من سائر البدن كله دم عرق حينئذٍ كل ما وجد دم العرق وجب الوضوء هذا وجه الاستدلال من النص وأما كون القليل من ذلك لا ينقض فلمفهوم قول بن عباس في الدم رضي الله تعالى عنهما (إذا كان فاحشاً فعليه الإعادة) مفهوم كلامه إذا لم يكن فاحشاً فليس عليه الإعادة لصحة صلاته لكون وضوئه لم ينتقض إذاً ثَمَّ نص لكون الخارج يعتبر ناقضاً وهو حديث فاطمة السابق (إنه دم عرق) والذي يخرج من اليد دم عرق والذي يخرج من الرأس دم عرق وهكذا فكل ما خرج الدم من البدن من غير السبيلين فهو دم عرق إذاً لما علل النبي صلى الله عليه وسلم دم الاستحاضة لكونه دم عرق ورتب عليه إيجاب الوضوء إذاً لو خرج من رأسه فهو دم عرق كذلك يجب فيه الوضوء فيعتبر ناقضاً وأما كونه كثيراً فلقول بن عباس (إذا كان فاحشاً فعليه الإعادة) ولأنه نجاسة خارجة من البدن أشبه الخارج من السبيل والفاحش الذي عبر عنه المصنف هنا بقول (كثيراً) وهو ما عبر عنه بن عباس بقوله (إذا كان فاحشاً فعليه الإعادة) إذا لم يكن كثيراً بأن كان قليلاً لا يعتبر ناقضاً حينئذٍ يرد التفريق بين النوعين؛ متى نحكم على الدم بكونه يسيراً ومتى نحكم على الدم بكون كثيراً؟ قالوا [ما فحش في النفس] يعني نفس كل أحد بحسبه إن حكم الإنسان المعتدل ليس المفرط ولا الموسوس بكون هذا الدم قليلاً فهو قليل برؤيته هو بعرفه وإذا حكم عليه بكونه كثيراً حكم عليه بكونه كثيراً واضح هذا حينئذٍ يرجع إلى الشخص نفسه وينظر فيه لكن بشرط أن يكون معتدلاً هذا المذهب وهو المرجح عندهم وثَمَّ رواية عن الإمام أحمد رحمه الله تعالى أن خروج النجاسة من بقية البدن لا ينقض مطلقاً لا يعتبر ناقضاً ما عدا البول والغائط يعني ما ذكره النوع الثاني (أو كان كثيراً نجساً غيرهما) ثَمَّ رواية عن الإمام أحمد أنه لا يعتبر ناقضاً؛ لماذا؟ لكون لا نص فيه هذا أولاً، ثانياً لا يصح قياسه على السبيلين قوله صلى الله عليه وسلم في حديث فاطمة (أنه دم عرق فتوضئ) هذا مركب من شيئين كونه دم عرق وكونه خارج من السبيل حينئذٍ وجود إحدى جزئي العلة لا يستلزم الحكم مطلقاً بمعنى أن العلة هنا مركبة وهي كونه أن دم عرق وكونه خارجاً من السبيل فإذا وجد بهذا القيد حكمنا عليه بكونه ناقضاً وأما كونه دماً فقط لكونه دم عرق ولم يكن خارج من السبيلين نقول هذا وجد فيه جزء العلة ولم توجد فيه العلة كاملة وإذا كان كذلك فلا يتبعه الحكم ألبته وإذا كان كذلك رجعنا إلى الأصل وهو صحت الطهارة وعدم وجود نص يعتمد عليه فالحكم بكون كثير الدم النجس أو قليله مطلقاً يعتبر ناقضاً من نواقض الوضوء وهذا هو المرجح والله أعلم، إذاً (أو كان كثيراً نجساً غيرهما) هذا محل نظر والصحيح أنه لا يعتبر ناقضاً، قال البغوي [وهو قول أكثر الصحابة والتابعين] أنه لا يعتبر ناقضاً وروي عن جابر في الذين يحرسان في غزوة ذات الرقاع (فرمي أحدهما بسهم فنزعه ثم بآخر ثم بالثالث وركع وسجد