أن تتساوى المناكبُ والأكعُب مع الحَدَب، وإنما اعتُبرت الأكعب؛ لأنها في العمود الذي يَعتمد عليه البدنُ، فإن الكعب في أسفل السَّاق، والسَّاقُ هو عمودُ البَدَن، فكان هذا هو المُعتبر. وأما أطراف الأرجُل فليست بمعتبرة؛ وذلك لأن أطراف الأرجُلِ تختلف، فبعض الناس تكون رِجْلُه طويلة، وبعضهم قصيرة، فلهذا كان المعتبر الكعب.
ثم إن تسوية الصَّفِّ المتوعَّد على مخالفتها هي تسويته بالمحاذاة، ولا فَرْقَ بين أن يكون الصَّفُّ خلف الإِمام أو مع الإِمام، وعلى هذا؛ فإذا وقف إمامٌ ومأموم فإنه يكون محاذياً للمأموم، ولا يتقدَّم عليه خلافاً لمن قال من أهل العلم: إنه ينبغي تقدُّم الإِمام على المأموم يسيراً؛ ليتميَّز الإِمامُ عن المأموم.
فيقال: إنَّ هذا خِلافُ ظاهرِ النَّصِّ، فابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ أخَذَ النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم برأسه مِن ورائِه، وجعله عن يمينه. ولم يُنقل أنه أخَّره قليلاً (?)، ثم إن الإِمامَ والمأموم يُعتبران صفًّا، فإذا اعتبرناهما صفًّا كان المشروعُ تسويةَ الصَّفِّ.
وهناك تسوية أخرى بمعنى الكمال؛ يعني: الاستواء بمعنى الكمال كما قال الله تعالى: {وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى} [القصص: 14] أي: كَمُلَ، فإذا قلنا: استواءُ الصَّفِّ بمعنى كماله؛ لم يكن ذلك مقتصراً على تسوية المحاذاة، بل يشمَل عِدَّة أشياء: