واقعة في جواب قَسَم مقدَّر، وتقدير الكلام: «والله لتسوُّنَّ»، فالجملة مؤكَّدة بثلاث مؤكِّدات، وهي: القسم، واللام، والنون. وهذا خَبرٌ فيه تحذير؛ لأنه قال: «لتسوُّنَّ صُفُوفكم، أو ليُخَالفَنَّ اللَّهُ بين وُجُوهِكم» أي: بين وجهات نظركم حتى تختلف القلوب، وهذا بلا شكٍّ وعيدٌ على مَن تَرَكَ التسويةَ، ولذا ذهب بعضُ أهل العِلم إلى وجوب تسوية الصَّفِّ (?). واستدلُّوا لذلك: بأمْرِ النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم به، وتوعُّدِه على مخالفته، وشيء يأتي الأمرُ به، ويُتوعَّد على مخالفته لا يمكن أن يُقال: إنه سُنَّة فقط.
ولهذا كان القولُ الرَّاجحُ في هذه المسألة: وجوب تسوية الصَّفِّ، وأنَّ الجماعة إذا لم يسوُّوا الصَّفَّ فهم آثمون، وهذا هو ظاهر كلام شيخ الإِسلام ابن تيمية رحمه الله (?). لكن إذا خالفوا فلم يسوُّوا الصَّفَّ فهل تبطل صلاتهم؛ لأنهم تركوا أمراً واجباً؟
الجواب: فيه احتمالٌ، قد يُقال: إنها تبطل؛ لأنهم تركوا الواجب. ولكن احتمال عدم البطلان مع الإِثم أقوى؛ لأن التسويةَ واجبةٌ للصلاةِ لا واجبة فيها، يعني أنها خارج عن هيئتها، والواجبُ للصَّلاةِ يأثمُ الإِنسانُ بتَرْكِه، ولا تبطلُ الصَّلاةُ به، كالأذان مثلاً، فإنه واجبٌ للصَّلاةِ، ولا تبطل الصَّلاةُ بتَرْكِه.
وتسوية الصَّفِّ تكون بالتساوي، بحيث لا يتقدَّم أحدٌ على أحد، وهل المعتبر مُقدَّم الرِّجْلِ؟ الجواب: المعتبر المناكب في أعلى البَدَن، والأكعُب في أسفل البَدَن، وهذا عند الاعتدال، أما إذا كان في الإِنسان احديداب فلا عِبرة بالمناكب؛ لأنه لايمكن