ثالثاً: قوله: «له الأجر مرتين»، لأن الرجل بارز، وهذا أجر، وقتل نفسه في سبيل الله، وهذا أجر آخر.
ودعا له الرسول صلّى الله عليه وسلّم، ولم يقل: إن عليه الكفارة، ولو كانت الكفارة واجبة عليه لبيَّنها النبي صلّى الله عليه وسلّم لدعاء الحاجة إلى بيانها.
ثم إنك إذا قرأت الآية ظهر لك أنَّ المراد غير قاتل نفسه؛ لأن الله تعالى قال: {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلاَّ أَنْ يَصَّدَّقُوا}، ولا تجتمع الدية مع الكفارة إلا فيما إذا كان المقتول غير نفسه، أما إذا قتل نفسه فإنه لا تجب الدية بالاتفاق، فسياق الآية يدل على أن المراد من قتل غيره، وهذا القول أرجح، لكن ليس من جهة الآية؛ لأن الآية قد ينازع فيها منازع، ولكن من جهة قصة عامر بن الأكوع ـ رضي الله عنه ـ.
وقوله: «محرمة» أي: محرَّم قتلها، وهي المعصومة، والمعصوم أربعة أصناف من الناس المسلم، والذمي، والمعاهد، والمستأمن، فلو قتل حربياً فليس بمضمون لا بِكفارة ولا دِية؛ لأنه غير معصوم.
وقوله: «بغير حق» احترازاً مما إذا قتلها بحق.
وقوله: «مباشرة أو تسبباً» أي: أن يقتلها بمباشرة أو تسبب، فالمباشرة أن يباشر القتل هو بنفسه، مثل ما إذا أراد أن يرمي صيداً فأصاب إنساناً، أو ضربه بعصا صغيرة فمات.
والتسبب مثل أن يحفر بئراً في محل، لا يجوز له حفره