مثل آخر: الأكل في الصوم، فإذا أكل الصائم فسد صومه؛ لأن النهي عائد إلى فعل يختص بالعبادة الذي هو الصوم.

ومثال ثالث: إذا جامع وهو محرم، فسد إحرامه، والدليل قوله تعالى: {فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ} [البقرة: 197].

وإذا حلق رأسه وهو محرم فالنهي هنا عن فعل يختص بالعبادة لقول الله تعالى: {وَلاَ تَحْلِقُوا رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} [البقرة: 196] فهل يفسد الإحرام؛ لأن النهي يعود إلى فعل يختص بالعبادة؟

الجواب: إما أن يوجد دليل يخصص هذه المسألة، وإما أن يفسد الإحرام بالحلق.

فالظاهرية ذهبوا إلى فساد الإحرام، وقالوا: إن فعل المحظورات في الإحرام مفسد للإحرام.

وأما حديث كعب بن عجرة (?) ـ رضي الله عنه ـ، فجوابه أن الله ـ عزّ وجل ـ أذن لمن كان مريضاً أو به أذى من رأسه، أن يحلق ويفدي، فهذا مأذون له للعذر، ولا يستوي المعذور وغير المعذور، ولما صار معذوراً صار الحلق في حقه حلالاً ليس حراماً، فإذا فعله في هذه الحال لم يكن فعل محظوراً.

ثم قالوا: ونحن نخاصمكم بالقياس مع أننا لا نقول به، لكن نلزمكم إياه؛ لأنكم تقولون به، لماذا تقولون إنه إذا جامع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015