قوله: «وإن وطئ في فرج» أي: المعتكف.
قوله: «فسد اعتكافه» أي: بطل، والفساد والبطلان بمعنى واحد إلا في موضعين، الأول: الحج والعمرة، فالفاسد منهما ما كان فساده بسبب الجماع، والباطل ما كان بطلانه بالردة عن الإسلام، والموضع الثاني: في باب النكاح، فالباطل ما أجمع العلماء على بطلانه كنكاح المعتدة، والفاسد ما اختلفوا فيه كالنكاح بلا شهود.
ودليل فساد الاعتكاف بالوطء قوله تعالى: {وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} [البقرة: 187] فإنه يدل على أنه لا تجوز مباشرة النساء حال الاعتكاف، فلو جامع بطل اعتكافه؛ لأنه فعل ما نهي عنه بخصوصه، وكل ما نهي عنه بخصوصه في العبادة يبطلها، وهاهنا قواعد:
الأولى: النهي إن عاد إلى نفس العبادة فهي حرام وباطلة.
مثاله: لو صام الإنسان يوم العيد فصومه حرام وباطل؛ لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم نهى عن صوم يوم العيد، ولو أن المرأة صامت وهي حائض لكان صومها حراماً باطلاً؛ لأنها منهية عنه، لقول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد» أي: مردود، وما نهى عنه فليس عليه أمر الله ورسوله؛ ولأننا لو صححنا العبادة مع النهي عنها لكان في هذا نوع مضادة لأمر الله تعالى.
الثانية: أن يكون النهي عائداً إلى قول أو فعل يختص بالعبادة، فهذا يبطل العبادة أيضاً.
مثال ذلك: إذا تكلم في الصلاة، ولو بأمر بمعروف، بطلت صلاته.