وتُعقب تعريف الحافظ بأن استخدام كلمة: (سند) في تعريف (المسند) فيه دور، كما أنه لا حاجة إلى التعرض بذكر الصحابي مع اشتراط الاتصال (¬2).
والأولى في تعريف المسند أن يقال: (ما اتصل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -
ولو ظاهرا).
العلو المطلق والنسبي:
-[قال الحافظ: (فإن قل عدده: إما أن ينتهي إلى النبي - صلى الله عليه وعلى آله
وسلم، أو إلى إمام ذي صفة علية كشعبة فالأول: العلو المطلق، والثاني: النسبي).]-
وقال في "النزهة" (ص/241): (فإن قل عدده، أي: عدد رجال السند، فإما:
أن ينتهي إلى النبي صلى الله عليه وسلم بذلك العدد القليل بالنسبة إلى سند آخر، يرد به ذلك الحديث بعينه بعدد كثير.
أو ينتهي إلى إمام من أئمة الحديث ذي صفة علية: كالحفظ، والفقه، والضبط، والتصنيف، وغير ذلك من الصفات المقتضية للترجيح، كشعبة ومالك، والثوري،
والشافعي، والبخاري، ومسلم، ونحوهم.
فالأول: -وهو ما ينتهي إلى النبي صلى الله عليه وسلم-: العلو المطلق، فإن اتفق أن يكون سنده صحيحا كان الغاية القصوى، وإلا فصورة العلو فيه موجودة، ما لم يكن موضوعا؛ فهو كالعدم.
والثاني: العلو النسبي، وهو ما يقل العدد فيه إلى ذلك الإمام، ولو كان العدد من ذلك الإمام إلى منتهاه كثيرا.
وقد عظمت رغبة المتأخرين فيه، حتى غلب ذلك على كثير منهم، بحيث أهملوا الاشتغال بما هو أهم منه.
وإنما كان العلو مرغوبا فيه لكونه أقرب إلى الصحة وقلة الخطأ؛ لأنه ما من راو من رجال الإسناد إلا والخطأ جائز عليه، فكلما كثرت الوسائط وطال السند كثرت مظان التجويز، وكلما قلت قلت.
فإن كان في النزول مزية ليست في العلو: كأن تكون رجاله أوثق منه، أو أحفظ، أو أفقه، أو الاتصال فيه أظهر، فلا تردد أن النزول، حينئذ، أولى.
وأما من رجح النزول مطلقا واحتج بأن كثرة البحث تقتضي المشقة؛ فيعظم الأجر، فذلك ترجيح بأمر أجنبي عما يتعلق بالتصحيح والتضعيف (?)).