الدليلين ... ).
قال السخاوي في "فتح المغيث" (4/ 66): (وهو من أهم الأنواع، تضطر إليه جميع الطوائف من العلماء، وإنما يكمل للقيام به من كان إماما جامعا لصناعتي الحديث والفقه، غائصا على المعاني الدقيقة ; ولذا كان إمام الأئمة أبو بكر بن خزيمة من أحسن الناس فيه كلاما، لكنه توسع حيث قال: (لا أعرف حديثين صحيحين متضادين، فمن كان عنده شيء من ذلك فليأتني به لأؤلف بينهما). وانتقد عليه بعض صنيعه في توسعه، فقال البلقيني: إنه لو فتحنا باب التأويلات لاندفعت أكثر العلل.
وأول من تكلم فيه إمامنا الشافعي، وله فيه مجلد جليل، ولكنه لم يقصد استيعابه، بل هو مدخل عظيم لهذا النوع، يتنبه به العارف على طريقه. وكذا صنف فيه أبو محمد بن قتيبة، وأتى فيه بأشياء حسنة، وقصر باعه في أشياء قصر فيها. وأبو جعفر بن جرير الطبري، وأبو جعفر الطحاوي في كتابه (مشكل الآثار)، وهو من أجل كتبه، ولكنه قابل للاختصار غير مستغن عن الترتيب والتهذيب، وقد اختصره ابن رشد، وممن صنف فيه أيضا أبو بكر بن فورك، وأبو محمد القصري، وابن حزم، وهو نحو عشرة آلاف ورقة).
قال الحافظ: -[(أو لا، وثبت المتأخر فهو الناسخ، والآخر المنسوخ.)]-
فإن لم يمكن الجمع بين الحديثين المقبولين المتعارضين، أو أمكن الجمع ولكن بتعسف، فهنا إن ثبت تأخر أحدهما فهو الناسخ والآخر هو المنسوخ.
قال في "النزهة" (ص/217): (ويعرف النسخ بأمور: أصرحها ما ورد في النص، كحديث بريدة في صحيح مسلم: "كنت نهيتكم عن زيارة القبور، فزوروها فإنها تذكر الآخرة". ومنها ما يجزم الصحابي بأنه متأخر، كقول جابر: كان آخر الأمرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ترك الوضوء مما مست النار"، أخرجه أصحاب السنن. ومنها ما يعرف بالتاريخ، وهو كثير (?)، وليس منها ما يرويه الصحابي المتأخر الإسلام معارضا لمتقدم عنه؛ لاحتمال أن يكون سمعه من صحابي آخر أقدم من المتقدم المذكور، أو مثله