حدوث تعارض حقيقي بين الأدلة، وأنه إذا حدث تعارض بين الأدلة فإنه يكون صوريا أي
من وجهة نظر المجتهد فقط، وذلك لأن كتاب الله سالم من الاختلاف والاضطراب والتناقض؛ لأنه تنزيل من حكيم حميد فهو حق من حق، قال تعالى: (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا) [النساء: 82] ولهذا مدح الله تعالى الراسخين في العلم حيث قالوا: (آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا) [آل عمران: 7]؛ أي: محكمه ومتشابهه حق. وقال - صلى الله عليه وسلم -: (إن القرآن لم ينزل يكذب بعضه بعضًا، بل يصدق بعضه بعضًا، فما عرفتم منه فاعملوا به، وما جهلتم منه فردوه إلى عالمه) (?). كما أحاديث النبي - صلى الله عليه وسلم - الصحيحة مبرأة من التناقض والاختلاف؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - معصوم من التناقض والاختلاف بإجماع الأمة، لا فرق في ذلك بين المتواتر والآحاد، قال تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى* إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى) [النجم: 3، 4]. وكل هذه الأدلة تشمل الظني والقطعي منهما.
قوله: (بمثله) أي في القبول وليس في القوة، فلا يشترط التساوي في القوة فيمكن أن يقع التعارض بين المتواتر والآحاد، أو الصحيح والحسن، ونحو ذلك.
قوله: (أمكن الجمع) أي بين مدلوليهما بغير تعسف (?).
قال اللقاني في "قضاء الوطر" (1/ 886): (قوله: "بغير تعسف" أي: بأن يكون موافقا للقوانين اللغوية، أو الشرعية، أو العقلية، بحيث لا يخالف القواطع منها).
قال القاري في "شرح النخبة" (ص:362): ((إما أن يمكن الجمع) أي بتأويل، أو تقييد، أو تخصيص (بين مدلوليهما) أي معنييهما، (بغير تعسف) متعلق بالجمع، والتعسف: أزيد من التكلف، لأنه خروج عن الجادة. قال المصنف: لأن ما كان بتعسف فللخصم أن يرده، وينتقل إلى ما بعده من المراتب).
قال المناوي في "اليواقيت والدرر" (1/ 452): (ومثل له جمع بحديث الترمذي وغيره: "أيما إهاب دبغ فقد طهر" مع حديث أبي داود والترمذي وغيرهما: "لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب". الشامل للإهاب المدبوغ وغيره حملناه على غيره جمعا بين