مفروضة في غير المدلس.

وأما رجحانه من حيث العدالة والضبط؛ فلأن الرجال الذين تكلم فيهم من رجال مسلم أكثر عددا من الرجال الذين تكلم فيهم من رجال البخاري، مع أن البخاري لم يكثر من إخراج حديثهم، بل غالبهم من شيوخه الذين أخذ عنهم ومارس حديثهم، بخلاف مسلم في الأمرين.

وأما رجحانه من حيث عدم الشذوذ والإعلال؛ فلأن ما انتقد على البخاري من الأحاديث أقل عددا مما انتقد على مسلم، هذا مع اتفاق العلماء على أن البخاري كان أجل من مسلم في العلوم وأعرف بصناعة الحديث منه، وأن مسلما تلميذه وخريجه، ولم يزل يستفيد منه ويتتبع آثاره حتى «لقد» قال الدارقطني: لولا البخاري لما راح مسلم ولا جاء.

ومن ثم؛ أي: «و» من هذه الحيثية - وهي أرجحية شرط البخاري على غيره - قدم «صحيح البخاري» على غيره من الكتب المصنفة في الحديث.

ثم صحيح مسلم؛ لمشاركته للبخاري في اتفاق العلماء على تلقي كتابه بالقبول أيضا، سوى ما علل.

ثم يقدم في الأرجحية من حيث الأصحية ما وافقه شرطهما؛ لأن المراد به رواتهما مع باقي شروط الصحيح، ورواتهما قد حصل الاتفاق على القول بتعديلهم بطريق اللزوم، فهم مقدمون على غيرهم في رواياتهم، وهذا أصل لا يخرج عنه إلا بدليل.

فإن كان الخبر على شرطهما معا؛ كان دون ما أخرجه مسلم أو مثله.

وإن كان على شرط أحدهما؛ فيقدم شرط البخاري وحده على شرط مسلم وحده تبعا لأصل كل منهما.

فخرج لنا من هذا ستة أقسام تتفاوت درجاتها في الصحة.

وثمة قسم سابع، وهو ما ليس على شرطهما اجتماعا وانفرادا.

وهذا التفاوت إنما هو بالنظر إلى الحيثية المذكورة.

أما لو رجح قسم على ما «هو» فوقه بأمور أخرى تقتضي الترجيح؛ فإنه يقدم على ما فوقه - إذ قد يعرض للمفوق ما يجعله فائقا -.

كما لو كان الحديث عند مسلم مثلا، وهو مشهور قاصر عن درجة التواتر، لكن حفته قرينة صار بها يفيد العلم؛ فإنه يقدم «بها» على الحديث الذي يخرجه البخاري إذا كان فردا مطلقا. وكما لو كان الحديث الذي لم يخرجاه من ترجمة وصفت بكونها أصح الأسانيد كمالك عن نافع عن ابن عمر؛ فإنه يقدم على ما انفرد به أحدهما مثلا، لا سيما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015