لقد تبين لي من خلال دراسة رجال هذه المرتبة أن رجلا ما يوثقه جماعة من النقاد المعتدلين منهم والمتشددين، ثم يظهر للباحث أن واحدا من النقاد يخالف الجمهور، وقال فيه قولاً يجرحه فيه، فالباحث العادي يمضي ولا يلتفت إلى القول المخالف للجمهور، لكن ابن حجر يتوقف عند قول المخالف ويدرسه، هل له وجه معتبر أم لا .. ؟
فإن كان له وجه معتبر جعل هذا الراوي من المختلف فيه، ووضعه في المرتبة الخامسة، وإن لم يكن له وجه معتبر، وخرجه ابن حجر على وجه يبرئ فيه ساحة هذا الراوي، جعل هذا الراوي في المرتبة الرابعة، وأعطاه لقب صدوق، أو لا بأس به، ولم يرفعه إلى درجة ثقة أو ثبت، وذلك للقول المخالف الذي قيل فيه ...
أما إذا كان الجرح غير معتبر بالكلية، ويرى ابن حجر أنه يجب أن يطرح بالمرة، ولا ينظر فيه أساساً، عند ذلك يرفعه ابن حجر إلى المرتبة الثالثة، فيقول فيه ثقة أو تبث أو حافظ، إلى آخر ألقاب هذه المرتبة).
ثم ضرب أمثلة على ذلك - وسوف أقتصر في التدليل على أمثلة للمرتبة الرابعة، والخامسة وأما الثالثة فالأمر فيها ظاهر -. فمما ذكر - رحمه الله -:
فمن أمثلة المرتبة الرابعة:
- غالب بن خطاف القطان البصري. (صدوق).
وثقه أحمد، وابن معين، والنسائي، وأبو حاتم، وابن سعد، وغيرهم إلا أن ابن عدي ذكره في الكامل، وأورد له حديثا منكرا، وتعقبه ابن حجر فقال: "الحمل فيها على الراوي عنه: عمر بن المختار البصري، وهو من عجيب ما وقع لابن عدي"، وقال الذهبي: "لعل الذي ضعفه ابن عدي آخر ".
- يزيد بن أبي مريم الدمشقي. (لا بأس به).
وثقه الأئمة، وابن معين، ودحيم، وأبو زرعة، وأبو حاتم، وقال الدارقطني: "ليس بذاك"، قال ابن حجر: "هذا جرح غير مفسر، فهو مردود".
- مبشِّر بن إسماعيل الحلبي. (صدوق).
قال ابن سعد كان ثقة مأمونا وقال النسائي لا بأس به.
قال ابن حجر: "تكلم فيه بلا حجة"، وقد نقل ابن قانع في الوفيات أنه ضعيف، وتعقبه ابن حجر في "هدي الساري" فقال: "وابن قانع ليس بمعتمد".
ومن أمثلة المرتبة الخامسة:
- الربيع بن يحيى بن مقسم البصري. (صدوق له أوهام).