هنا العكس [العناد في الخلو وجوزت الجمع] (?) العناد في ماذا؟ بين طرفيها في العدم وجوزت الجمع بين المنطوق المقدم والتالي، إما أن يكون في البحر ولا يغرق. إذًا الجملة يمكن أن تصدق على زيد يكون في البحر ولا يغرق، وأما أن ينتفيا معًا أن لا يكون في البحر ويغرق، نقول: هذا ممتنع. إذًا وهي ما دلت على امتناع الخلو من طرفيها وإن جوزت الاجتماع، فالعناد بين طرفيها في العدد فقط مانعت الخلو المجوزة للجمع.
(أَوْ هُمَا) هذا النوع الثالث: مانعهما، هما في الأصل مضاف إليه فصل الضمير لما حذف المضاف وقام مقام المضاف، يعني: أصل مانعهما هذا عطف على المانع، أي: قضية مانعت جمعٍ وخلوٍ معًا، يعني: تمنع الجمع وتمنع الخلو، وهذا المثال الذي ذكرناه سابقًا العدد إما زوجٌ وإما فرد هل يجتمعان؟ يكون زوج فرد؟ لا يجتمعان
، هل يمتنعان معًا ينتفيان العدد لا يكون زوجًا ولا فردًا؟ نقول: لا. إذًا هنا منعت الجمع ومنعت، مانعة جمعٍ وخلو، منعت الجمع ومنعت الخلو، حينئذٍ تأخذ من الاسم نفسه مانعة جمعٍ، إذًا الخلو جائز مانعة خلوٍ، إذًا الجمع جائز مانعة جمعٍ وخلوٍ معًا، حينئذٍ لا يجتمعان لا وجودًا ولا عدمًا، مانعة جمعٍ وخلو ما دلت على امتناع الجمع والخلو معًا العدد إما زوجٌ وإما فردٌ بمعنى أن طرفيها لا يمكن اجتماعها في الوجود ولا في العدم فلا يوجدان معًا ولا يعدمان معًا، بل لا بد من وجود أحدهما وعدم الآخر هذا النوع الثالث قال: (وَهْوَ الحَقِيقِيُّ). (وَهْوَ)، أي: مانع الجمع والخلو، (الحَقِيقِيُّ) لأن التعاند فيه بين الطرفين في الصدق والكذب، العناد هنا واضح يعني: أيها أكمل لو قيل التنافر وجودًا وعدمًا، أو وجودًا فقط أو عدمًا فقط أيهما أكمل؟ لا شك أن تعاند والتنافر في الوجود والعدم أكمل، ولذلك قال: (وَهْوَ). أي: مانع جمع والخلو، (الحَقِيقِيُّ) لأن التعاند فيه بين الطرفين المقدم والتالي في الصدق والكذب، يعني: في الوجود والعدم، وهو (الأَخَصُّ)، يعني: من مانع الجمع ومن مانع الخلو. (فَاعْلَمَا) أخص من الطرفين (فَاعْلَمَا) الفاء هذه زائدة واعلمن يقال فيه مقيلة في فلتعلما، كل ما منع الجمع والخلو منع الجمع فقط، أو منع الخلو فقط، لأنه أخص هي تمنع النوعين الجمع والخلو، فيلزم من وجود مانعة الجمع والخلو وجود كلٍّ من الآخرين ولا يلزم من وجود أحدهما منعهما معًا، إذًا الحاصل أن الشرطية المنفصلة تنقسم إلى ثلاثة أقسام: مانعة جمعٍ، ومانعة خلوٍ، ومانعة جمعٍ وخلو.
ومانعة الجمع والخلو هي الأخص، يعني: أخص من مانعة الجمع، وأخص من مانعة الخلو، ولأنه يصدق التعاند بين الطرفين في الصدق والكذب، والله أعلم.
وصلَّ الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.