ثم قسم لك القضاء إلى قسمين (ثُّمَ القَضَايَا)، التي عرفها بقوله: (مَا احْتَمَلَ الصِّدْقَ لِذَاتِهِ). (عِنْدَهُمْ) عند المناطقة، (قِسْمَانِ) بالاستقراء والتتبع (شَرْطِيَّةٌ) و (حَمْلِيَّةٌ) قضايا نوعان: قضية شرطية، وقضية حملية.

قضية شرطية هذا الأول القسم الأول، سميت بذلك لوجود أداة الشرط فيها اشتملت على أداة الشرط إِنْ جِئْتَنِي أَكْرَمْتُكَ أداة شرط هذه جملة شرطية لاشتمالها على أداة الشرط، وفيها تعليق وهي: ما حكم فيها على وجه الشرط والتعليق، كُلَّمَا كَانَتِ الشَّمْسُ طَالِعَةً فَالنَّهَارُ مَوْجُود هذه تسمى ماذا؟ شرطية فيها تعليق، إذًا (شَرْطِيَّةٌ) سميت بذلك لوجود أداة الشرط فيها لفظًا أو تقديرًا هذا النوع الأول من القضايا.

النوع الثاني: حملية وهي: ما حكم فيها على وجه الحمل، وهي كل جملة ليس فيها أداة شرط ولا تعليق، يعني: ما يقابل الجملة الشرطية، سميت حملية نسبة إلى المحمول، لأن الجملة الاسمية تقول: زَيْدٌ قَائِمٌ. سبق أن زيد هذا موضوع سمي موضوعًا من الموضع كأنه وضع كالأرض مثلاً أو البساط ليحمل عليه الخبر، ولذلك قائم هذا محمول سمي محمولاً لماذا؟ لأنه حُمِلَ على غيره كالسقف على الجدار، بالنسبة للنظر أو بالنظر إلى المحمول سميت حملية، لأنه فيه حمل شيء على شيء آخر، فيه إخبار بشيء عن شيء آخر.

إذًا القضية تنقسم إلى نوعين: شرطية، وحملية. نسبة إلى الحمل باعتبار طرفها المحكوم به.

(وَالثَّانِي) أراد أن يبين يقسم لنا كُلاً من الشرطية والحملية، كل منهما ينقسم إلى أقسام (وَالثَّانِي)، يعني: الذي هو حملية، لم يقل الثانية مع أن الحملية مؤنث هذا باعتبار القسم، يعني: كأنه قال: والقسم الثاني.

الحملية تنقسم إلى قسمين: كلية، وشخصية. هنا على حذف الواو كما قال: (شَرْطِيَّةٌ حَمْلِيَّةٌ). يعني: شرطية وحملية. حذف الواو وهو جائز اتفاقًا في الشعر، كلية وشخصية، كلية تسمى الحملية كلية متى؟ التي يكون موضوعها كلي، عرفنا الكلي والجزئي فيما سبق، إذا كان موضوعها كليًّا سميت كلية، وإذا كان موضعها جزئيًّا، يعني: لا يفهم اشتراكًا سميت شخصية، فالنظر هنا للمحكوم عليه، هل المحكوم عليه بالمحمول كلي أو جزئي؟ بقطع النظر عن كونها مسورة أو لا، فإن كان كليًّا (فَمُفْهِمُ اشْتِرَاكٍ الكُلِّيُّ) فحينئذٍ نقول: هذه قضية حملية كلية، وإن كان المحكوم عليه شخصيًّا جزئيًّا لا يفهم اشتراكًا حينئذٍ نقول: هذه قضية حملية شخصية. إذًا كلية ما موضعها؟ كلي سواء كانت مسورة بسور كلي أو جزئي أو مهملة من السور، الإنسان حيوان، الإنسان نقول: هذا كلي. أفهم اشتراكًا أو لا؟ أفهم اشتراكًا، ودخول أل هنا هذه أل استغراقية لا يمنع من إفهامه الاشتراك، ولذلك سبق أن العام مدلوله كلية، إذًا الإنسان نقول: هذا كلي قولك: الإنسان حيوان. أي: كل فرد من أفراد الإنسان محكوم عليه بالحيوانية، إذًا هذه قضية حملية كلية لأن موضوعها المحكوم عليه كلية.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015