وسكت عن القياس المنطقي لأنه يفيد ماذا؟ يفيد الخطأ عنده (وَلا يُفِيْدُ القَطْعَ) يعني اليقين (بِالدَّلِيْلِ) المراد به المدلول (قِيَاسُ الاسْتِقْرَاءِ وَالتَّمْثِيْلِ) هذا معطوف على الاستقراء لملاحظة المضاف المحذوف لدلالة المضاف الأول عليه، القياس الاستقرائي وقياس التمثيل، الآن حذف الثاني المضاف الثاني بدلالة الأول عليه قياس الاستقراء وقياس التمثيل، لأنه يلزم من تشابه الأمرين في معنى تشابههما في جميع الأحكام، قَيَّد بعضهم الاستقراء الذي لا يفيد القطع بأنه الاستقراء الناقص، وأما الاستقراء التام فهذا يفيد القطع يفيد اليقين، فمراده حينئذ بالاستقراء هنا بأنه يفيد الظن يقول: هذا محمول على الاستقراء الناقص فهو الذي يفيد الظن (وَلا يُفِيْدُ القَطْعَ) أي اليقين (بِالدَّلِيْلِ) يعني النتيجة، (بِالدَّلِيْلِ) المراد به المدلول، القياس الاستقرائي (لا يُفِيْدُ) القياس هذا فاعل يفيد والقطع مفعول به، كلٌّ من قياس الاستقراء وقياس التمثيل (لا يُفِيْدُ القَطْعَ) بالمدلول الذي استدل عليه بها، لماذا؟ للاحتمال الوارد في السهو والخطأ، بخلاف القياس المنطقي فهو يفيد اليقين.
(فصل في أقسام الحجة) (الْحُجَّةٌ) المراد به هنا القياس أو الدليل، وسمي حجة لأن المتمسك بها يحج خصمه يعني يغلبه (فصل في أقسام الحجة) جملتها ستة، إذا كانت هي من حيث الأصل يعني قسمان رئيسان (نَقْلِيَّةٌ عَقْلِيَّةْ)، الحجة تنقسم إلى حجة نقلية، دليل نقلي يعني مرده إلى الكتاب والسنة والإجماع، وعقلية مرده إلى العقل، والعقلية هذه خمسة مع النقلية صارت ستة، حينئذ أقسام الحجة ستة أقسام، نقلية هذا قسم، والعقلية تحتها خمسة أقسام فصار المجموع ستة. (فصل في أقسام الحجة)
(وَحُجَّةٌ نَقْلِيَّةٌ عَقْلِيَّةْ)، (وَحُجَّةٌ نَقْلِيَّةٌ)، نقلية نسبة إلى النقل، لأنها مستندة إليه، والنقلية هي ما كان كل من مقدمتيها أو إحداهما من الكتاب أو السنة أو الإجماع تصريحًا أو استنباطًا إذا كانت المقدمة من الكتاب أو من السنة أو الإجماع تصريحًا أو استنباطًا هذا كما مر بنا في الحد، هذا زان، وكل زان يُحَدّ، فهذا يحد. هذا نقلية ليس مبناها على العقل كونه يحد العقل لا يدل على أنه لا بد أن يحد، وإنما العقل لا يمنع، إذًا كل ما كان من مقدمتيها أو إحداهما من الكتاب أو السنة أو الإجماع تصريحًا أو استنباطًا، (وَحُجَّةٌ نَقْلِيَّةٌ) نسبة للنقل، وهنا حجة مبتدأ والمسوغ قصد الجنس أو التفصيل، (عَقْلِيَّةْ) نسبة للعقل في استنادها إليه منسوبة للعقل، (أَقْسَامُ هَذِي) التي هي الأخيرة العقلية (خَمْسَةٌ جَلِيَّةْ) واضحة عند أهل المنطق وتعرف عندهم بالصناعات الخمس، لأنها تحتاج إلى ممارسة إلى تعلم، الصنعة تحتاج إلى تعلم، ولذا خطابة شعر وبرهان وجدل وسفسطة كلها تحتاج إلى تعلم وإلى ممارسة من أجل إتقانها، (أَقْسَامُ هَذِي) يعني العقلية تتنوع باعتبار موادها يعني القضايا (خَمْسَةٌ جَلِيَّةْ) واضحة عند أهل المنطق
خَِطَابَةٌ شِعْرٌ وَبُرْهَانٌ جَدَلْ ... وَخَامِسٌ سَفْسَطَةٌ نِلْتَ الأَمَلْ