وَإِنْ بِجُزْئِيٍّ عَلَى كُلِّيْ اسْتُدِلْ ... فَذَا بِالاسْتِقْرَاءِ عِنْدَهُمْ عُقِلْ
الاستقراء هو الاستدلال بالجزئيات على الكليات (وَإِنْ بِجُزْئِيٍّ) يعني تقدير هذا صفة للموصوف المحذوف (بِجُزْئِيٍّ) بجزئي يعني بحكم جزئي لأننا نثبت أحكام، وإنما تثبت الأحكام باستقراء الجزئيات، فندخل إلى النتائج الكلية، ولذلك يذكر النحاة مثلاً كلمة اسم وفعل وحرف، ما الدليل؟ بالاستقراء والتتبع، يعني نظروا في كل كلمة كلمة فلم يجدوا إلا كلمة دلت على معنى، ثم منها ما هو مقترن بزمن، ومنها ما ليس مقترنًا بزمن، ومنها كلمات لم تدل على معنى، قالوا: القسمة ثلاثية. إذ لو وجدوا قسمًا رابعًا لعثروا عليه، حينئذ يُسمى هذا استقراء، استدلال بالجزئي على الكلي، (وَإِنْ بِجُزْئِيٍّ) جزئي قلنا: هذا صفة لموصوف محذوف والتقدير وإن استدل بحكم جزئي على كلي بإسكان الياء للوزن أي على حكم كلي استدل (كُلِّيْ اسْتُدِلْ) هذا يحتمل أنه جملة مفسرة ويحتمل أنه متعلق بجزئي لأن (إِنْ) هذه شرطية لا يليها إلا الفعل، وتقدير الكلام وإن استدل (بِجُزْئِيٍّ) على (كُلِّيْ)، وإن استدل بحكم جزئي على حكم كلي (فَذَا) اسم إشارة يعود على الاستدلال، أين هو الاستدلال؟ المفهوم من قوله: (اسْتُدِلْ) {اعْدِلُواْ هُوَ} هو أي العدل {أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} [المائدة: 8] مرجع الضمير لا يكون إلا اسمًا، فهي من علامات الأسماء مرجع الضمير، الضمائر لا تعود إلا على الأسماء، هنا عاد على (اسْتُدِلْ) نقول: هنا كهناك {اعْدِلُواْ هُوَ} رجعت إلى اعدلوا وهي جملة فعل حينئذ هل يكون اسم؟ نقول: لا، الضمير لا يعود إلا على الاسم حينئذ عاد إلى المصدر المفهوم من {اعْدِلُواْ} أي العدل {هُوَ} أي العدل (اسْتُدِلْ) هو أي الاستدلال (فَذَا) المشار إليه الاستدلال المفهوم من الفعل (اسْتُدِلْ)، (بِالاسْتِقْرَاءِ عِنْدَهُمْ عُقِلْ)، (عُقِلْ) بالاستقراء، بالاستقراء متعلق بقوله: (عُقِلْ)، (عِنْدَهُمْ) أي عند المناطقة، والاستقراء في اللغة التتبع لأمر ما، (عُقِلْ) يعني ضُمِّنَ معنى سُمِّيَ أي عُلِم.
إذًا الاستدلال بالجزئي على الكلي يسمى استقراءً وهو نوعان:
استقراء تام.
واستقراء ناقص.
إذا تتبع كل الأفراد يُسمى ماذا؟ يسمى استقراءً تامًا، وإذا تتبع بعض ما ترك آخر يُسمى استقراءً ناقصًا، والذي يُعتبر حجة هو الاستقراء التام،
وَإِنْ بِجُزْئِيٍّ عَلَى كُلِّيْ اسْتُدِلْ ... فَذَا بِالاسْتِقْرَاءِ عِنْدَهُمْ عُقِلْ
وَعَكْسُهُ يُدْعَى القِيَاسَ المَنْطِقِيْ ... وَهْوَ الَّذِيْ قَدَّمْتُهُ فَحَقِّقِ