إذًا المراد بالمعاني المقصود معاني المشتقات من الأفعال والأسماء كالماضي والمضارع والأمر والنهي وغيرها كما مر آنفًا، كذلك زَيْد يدل على واحد وَزَيْدَان يدل على اثنين حينئذٍ نقول لك: إذا أردت الدلالة على اثنين بلفظ زَيْد زده ألفًا ونونًا في حالة الرفع، وياء ونونًا في حالتي النصب والجر، وإذا أردت الدلالة على جمع أقله ثلاثة ائت به على زَيْدُون يعني: بزيادة الواو والنون رفعًا، والياء والنون نصبًا وخفضًا، أو زِيُود إذا أردت التكثير وإذا أردت النسبة إليه بأن جعل أصلاً فائت بياء النسبة في آخره واكسر ما قبل آخره يقول: زَيْدِيُّ. ياء مشددة تلحق الآخر بعد كسرها، إذًا حصل في الاسم ما يحصل في الفعل، (لا تحصل إلا بها). يعني: لا تحصل هذه المعاني إلا بها أي بهذه الأمثلة المتنوعة المختلفة، والأمثلة هي الأوزان كما ذكرنا.

إذًا هذا تعريف فن الصرف باعتبار كونه عمليًّا ما هو؟

(تحويل الأصل الواحد إلى أمثلة مختلفة لمعانٍ مقصودة لا تحصل إلا بها). حفظ وفهم هذا التعريف أصل في فهم فن الصرف، ما تحفظه ولا تفهمه تتعب.

وأما تعريفه بالمعنى العلمي: فهو علم بأصول يعرف بها أحوال أبنية الكلم التي ليست بإعراب زِيدَ ولا بناء. هذا تعريف ابن الحاجب في الشافية، (علمٌ) إذًا صدر الحد بكلمة (علمٌ)، بخلاف الأول قال: تحويل. إذًا عمل، هنا (علمٌ) إذًا افترقا، فالأول للعملي تطبيقي والثاني للعلمي الذي هو التأصيل والتقعيد، (علمٌ) يعني: إدراك أو المسائل أو الملكة. على خلاف بينهم في إطلاق العلم بالحد (علمٌ) بماذا؟ قال: ... (بأصول). أصول جمع أصل، والأصل المراد به من حيث الاصطلاح هنا القاعدة، قاعدة أو الضوابط العامة التي تكون لكل فنٍ، (علمٌ بأصول) يعني: بقواعد، هذه القواعد (يُعرف بها أحوال أبنية الكلم). أبينة جمع بناء، والمراد به الوزن، يعني: هيئة الكلمة من حيث الحركات والسكنات وعدد الحروف والترتيب، يعني: ما يضبط لك هيئة الكلمة على أي وزن. حينئذٍ يتكلم هذا الفن من هذه الحيثية عمَّا يتعلق ببناء الكلمة، ما وزنها؟ كيف تزن هذه الكلمة؟ كيف تعرف الزائد من الأصلي؟ كيف تعرف أوزان الفعل المضارع الأبواب الستة الآتية؟ وغير ذلك؟ نقول: كله يُدرس في هذا الفن لهذا الاعتبار.

إذًا (يُعرف بها) أي: بهذه الأصول، (أحوال) يعني: صفات، (أبنية الكلم) يعني: أوزان الكلم.

لا شك أن الصرف يتعلق بالكلمة من حيث الأول، والأثناء يعني: الأوسط. والحرف الأخير، سبق معنا أن علم النحو علم بأصول يعرف بها أحوال أواخر الكلم. إذًا الكلم الذي هو الكلمة له أوائل وله أواسط وله أواخر، أوائل وأواسط لا بحث للنحاة فيها لا الأوائل ولا الأواسط هذا متعلق بفن الصرف، بقي ماذا؟ الأواخر، الأوَاخر مشترك بين النحاة والصرفيين، لأن الصرفي يتكلم عن الإدغام أليس كذلك؟ وقالت طَّ، يقول لك: التاء تدغم في الطاء. باب كبير عظيم عندهم الإدغام، فحينئذٍ هذا تعلق بالأواخر أم لا؟ تعلق بالأواخر {قُمِ اللَّيْلَ} [المزمل: 2] يقول لك الصرفي: التقى ساكنان ميم واللام من (أل). حينئذٍ تحرك الأول بالكسر على الأصل أين تدرس قاعدة تحريك أو التقاء الساكنين؟

طور بواسطة نورين ميديا © 2015