اللازم، القاصر الذي يرفع الفاعل ولا ينصب مفعولاً به بنفسه، وانتبه لهذا القيد فقد يُخْطِئُ فيه البعض وهو أن الفعل اللازم إنما يُضْبَط بعدم نصبه للمفعول به فقط، لا لكون لا ينصب، لأن الفعل اللازم قد ينصب حالاً، قد ينصب مفعولاً لأجله، قد ينصب مفعولاً معه، قد ينصب تمييزًا، لكن لا ينصب مفعولاً به، والذي ينفى عنه من جهة النصب والعمل هو المفعول به، ولذلك تقول: جَاءَ زَيْدٌ رَاكِبًا. جَاءَ زَيْدٌ هذا فعل قاصر لا يتعدّى ورَاكِبًا منصوب على أنه حال، والعامل فيه هو العامل في صاحب الحال، إذًا هو جاء، فجاء نصب الحال هنا، نصب الحال.
إذًا الفعل القاصر هو الذي لا يتعدَّى أثره فاعله، وإنما يقتصر عليه، ولا ينصب مفعولاً به، وقد ينصب غير المفعول به كالحال .. وكما ذكرنا.
الفعل اللازم قد يعدَّى بواسطة بمعنى أنه يُصَيرَّ متعديًّا لكن بواسطة لا بذاته، فحينئذٍ يكون متعديًّا بغيره.
قال هنا الناظم مبينًا أوجه تعدِّي الفعل اللازم متى نحكم على أن الفعل اللازم نصب مفعولاً به والأصل فيه المنع؟
قال: (بالهَمْزِ وَالتَّضْعِيْفِ)، (وَحَرْفِ جَرٍّ). إذًا هذه ثلاثة وسائل لتعدية الفعل اللازم، فحينئذٍ ينصب الفعل اللازم مفعولاً به، إما ظاهرًا كما هو الشأن في همزة النقل والتضعيف، وإما محلاً كما هو الشأن في حرف الجر، يعني: إذا عُدِّي بحرف الجر لا يكون منصوبًا به في اللفظ، وإنما يكون في المعنى مفعولاً به، لأن المفعول به هو من وقع عليه فعل الفاعل، وإذا وقع عليه فعل الفاعل صح أن يسمى مفعولاً، قد يكون مفعولاً من حيث الاصطلاح فيُنْصَب في اللفظ وقد يكون مفعولاً من حيث المعنى، فحينئذٍ لا يقال في الإعراب إنه مفعول به ولذلك تقول: مَرَرْتُ بِزَيْدٍ. زَيْدٍ هذا في المعنى مفعول به لأن المرور وقع به وعليه، فحينئذٍ نقول: بزيد جار ومجرور متعلق بِمَرَّ ولا نعربه أنه مفعول به مع كونه في المعنى مفعولاً به.
الحاصل: (بالهَمْزِ وَالتَّضْعِيْفِ عَدِّ مَا لَزِمْ) عدّ أنت أيها الصرفي (مَا) يعني: فعلاً (لَزِمْ)، (لَزِمْ) فاعله ولم يتجاوزه بل اقتصر عليه يعني: لم يتجاوزه إلى نصب المفعول به، بل اقتصر على رفع الفاعل. (عَدِّ) بماذا؟ قال: (بالهَمْزِ). والمراد هنا همز التعدية، المشهور بأنه همز التعدية، أو همز النقل لأنه نقل الفعل من كونه لازمًا إلى كونه متعدِّيًا، حصل نقل، وهذا نوع من أنواع التَّصريف لأنه حصل تغيير وتحويل للفعل من كونه لازمًا إلى كونه متعدِّيًا، وهذا النقل إنما كان بالهمز فنسب إليها، وبعضهم يسميها همزة التعدية وهو أشهر.