علم واضح يراد به الإدراك، علم بماذا؟ قال: بأصول، والأصول جمع أصل، والمراد به هنا القاعدة؛ لأن العلوم _علوم الآلة_ قواعد، يعني عندك قاعدة (الفاعل مرفوع)، هذه قاعدة من قواعد العلم _علم النحو_ فكل فاعل مرفوع، (المفعول به منصوب) إذن كلّ مفعول به منصوب، وإذا جاء بك أو مرّ بك فاعل فارفعه، وإذا جاء بك أو مرّ بك مفعول به فانصبه، حينئذ نقول: تطبيقا لهذه القواعد تجري الأحكام على الآحاد والجزئيات، "فعلم بأصول" أي بقواعد، إذن علم النحو علم قواعد، لذلك يسمى في الدراسات الآن قواعد (وهو كذلك) , القواعد هذه يعرف بها _أي بواسطتها_ ويميز أحوال أواخر الكلم _يعني الكلمات_, (كلمة) في لسان العرب لا تخرج عن ثلاثة أنواع: إما اسم وإما فعل وإما حرف، فكل كلام العرب _ولو نظرت في القرآن أو نظرت في السنة_ لا يخرج عن هذه الثلاثة أنواع بالاستقراء والتتبع، وهو دليل قطعي لفائدة أن الكلمة تنقسم إلى ثلاثة أقسام إما اسم وإما فعل وإما حرف، هذه الكلمة مؤلفة من حروف، كـ (زيد) مؤلفة من ثلاثة أحرف: (ز، ي، د) كلّ حرف منها محرّك _له حركة_ الحرف الأول والحرف الثاني لا علاقة بالنحو به البتّة، لا يبحثون فيه وإنما يبحثون في آخر الكلمة _الحرف الأخير_ (زيدٌ) يبحثون في حركة الدّال، (بيتٌ) يبحثون في حركة التاء وهكذا، ولذلك قال: "يعرف بها أحوال" جمع حال _أي صفة_، والمراد بالصفة هنا الرفع والنّصب والخفض والسكون، إذا تجاوزنا حينئذ "أحوال أواخر الكلم" يعني رفعه أو نصبه أو خفضه، فأواخر الكلم لأن مبحث النحاة إنما يتعلق بآخر الكلمة، وما قبله يكون مبحثا للصرفيين كما سيأتي، وقد يشترك النحاة والصرفيون في الحرف الأخير؛ لكن من جهة ماذا؟ يبحث النحاة في حركة الحرف الأخير من حيث الإعراب والبناء _يعني كون هذه الكلمة معربة وحركتها الضمة أو الفتحة أو الكسرة أو السكون أو هذه الكلمة مبنية وبناؤها يكون على الفتح أو الضم أو الكسر أو السكون_ حينئذ انحصر بحث النحاة، انظر؛ علم كبير جليل انحصر في حرف واحد، ما حركته؟ الضمة أو الفتحة أو الكسرة أو السكون، إذن؛ علم بأصول _بقواعد_ هذه القواعد نستفيد بها ماذا؟ معرفة أحوال (يعني صفات)، والمراد بالصفات الرفع والنصب والخفض والجزم، متعلق هذه الصفات ماهو أواخر الكلم إعرابا وبناء، يعني الضمة قد تكون للإعراب وقد تكون للبناء، والفتحة تكون للإعراب وتكون للبناء، الذي يميز هذا عن ذاك إنما هو مبحث النحاة، هذا حده.
_[موضوعه]: الكلمات العربية من حيث الإعراب والبناء، الكلمات العربية لا من حيث أوزانها _ (فَتَحَ) على وزن (فَعَلَ) _ هذا لا يبحث فيه النحاة، و (اسْتَغْفَرَ) على وزن (اسْتَفْعَلَ)، و (قَالَ) أصل (قَوَلَ) حُرِّكَت الواو وفتح ما قبلها وقلبت ألفا، لا يبحث النحاة في ذلك وإنما يبحثون في الكلمة العربية من حيث الإعراب والبناء، هي معربة وسبب إعرابها كذا، وهي مبنية وسبب بنائها كذا.