لابد من مختصرات، ولابد من حفظها، لا علم إلّا بحفظ، وإذا لم تحفظ حينئذ لن تكون شيئا البتة، النحو من المنظومات المشهورات أو من الكتب المشهورة على جهة التأصيل نظم أو نثر ابن آجرّوم يسمى بالآجرومية، وله نظم للعمريطي، وله نظم لعبيد ربه محمد ابن آبّ الشنقيطي، والثاني أجود من الأول لميزتين، الأول: أنه لم يطل وإنما نظم النثر كما هو، وأما العمريطي فقد زاد وقد سمّاه كالشرح للكتاب؛ بمعنى أنه فصل في بعض المسائل وهذا قد ينافي، ثم جاءت في ربع المئة، لا جاءت في ربع ألف (مئتين وخمسين بيتًا)، حينئذ هذا العدد يعتبر كبيرا بالنسبة لطالب العلم المبتدئ، وخاصة إذا أراد أن يحفظ الملحة، حينئذ لا داعي لحفظ مثل هذا النظم الذي فيه شيء من الطول، أما المتن الذي معنا فهو أقل عددا، وثانيا: هذا المتن أو النظم يعتبر سهل العبارة؛ بمعنى العبارات واضحة تحتاج إلى شيء من التعليق والإيضاح لمن أراده مصنفا كغيره، وكذلك فيه شيء من الأمثلة، وكذلك زادوا ثالثا: بأنه قد اشتهر في هذا الوقت، حينئذ يعتني به طالب العلم إما بالنثر _إن استطاع أن يحفظ النثر_ وإما بالنظم وهو أجود، وعلوم الآلة _كقاعدة_ علوم الآلة الأولى أن يشتغل بها طالب العلم من جهة الحفظ بالمنظومات، ولا ينظر في المنثورات؛ لأن هذه العلوم لا تطلب لذاتها، ليست هي المقصودة، المقصود هو علم الوحي، والنحو ليس بعلم الوحي، وإنما هو وسيلة؛ إذن هو وسيلة لغيره، والنثر حفظه فيه شيء من الصعوبة، بل هو صعب، فإذا كان كذلك حينئذ يوفر طالب العلم جهده وقوته وحفظه وذهنه في حفظ المقاصد، لو حفظ في الفقه نثرا هذا هو الأصل ولا يحفظ نظما، كذلك في باب المعتقد يحفظ النثر ولا يحفظ النظم، وكذلك في باب الحديث يحفظ النثر ولا يحفظ النظم، لأنها مقاصد، هي الشريعة، لأنها كلام الله وكلام رسوله (صلّى الله عليه وآله وسلم)، وأما ما كان وسيلة لفهم العلم الشرعي هذا الأولى أن يشتغل بالمنظومات، علم النحو من أجل معرفته وهذه القواعد أهل العلم أنه لا يشرع طالب العلم حتى يعرف ماهو العلم الذي يطلبه, العلم له أو [علم النحو]: يطلق في "اللغة" يراد به القصد، (نحوت جهة كذا) أي: (قصدتها)، وهذا هو المشهور (معنى القصد).
وأما في "الاصطلاح": فالنحو "علم بأصول يعرف بها أحوال أواخر الكلم إعرابا وبناء".