[حرف]: كلمة دلت على معنى في غيرها، يعني بنفسه لا يفهم منه المعنى، وإنما يفهم منه المعنى متى؟ إذا دخل جملةً مفيدةً، (مَرَرْتُ بِزَيْدٍ)، نقول (الباء) (بِ) هذا لا يدل على معنى في نفسه، ليس كزيد، وليس كقام ويقوم وقم، وإنما يدل على معنى، ويظهر هذا المعنى وينكشف متى؟ إذا ركبته في الجملة، و (مَرَرْتُ بِزَيْدٍ) الباء هنا للتعدية أو للإلصاق، تقول (ذَهَبْتُ بِزَيْدٍ) الباء للتعدية، (مَرَرْتُ بِزَيْدٍ) الباء للإلصاق، (بِي دَاءٌ) الباء للإلصاق، (بِعْتُ الْبَيْتَ بِأثَاثِهِ) الباء للمعية، بمعنى، إذن هذه المعاني متى ظهرت؟ بعد التركيب، أما الباء لوحدها هكذا فنقول: لا تفيد معنى، لا تدل على معنى، وإنما تدل على معنى إذا كان لها متعلِّق أو متعلَّق، بمعنى أنها دخلت جملة مفيدة، هذا هو الحرف.
[علامته]: عدم العلامة.
[وَالْحَرْفُ يُعْرَفُ]: ويميز عن قسيميه الاسم والفعل.
[بِألَّا]: هذا نفي عدم.
[ألَّا يَقْبَلَا]: الألف هذه للإطلاق.
[لِاسْمٍ وَلَا فِعْلٍ دَلِيلًا]: (ألّا يقبلا دليلا) (دليلا) هذا مفعول، (لا يقبل دليلا) يعني علامة لاسم ولا فعل، يعني لا يقبل علامة الأسماء ولا يقبل علامة الأفعال؛ لأن الأقسام ثلاثة إذا ميزت الأول وميزت الثاني إذن الثالث ما لا يدخل عليه ما يميز الأول والثاني، فإذا مرّ بك لفظ حينئذ أدخل عليه علامات الأسماء فإن قبل واحدا منها فاحكم عليه بأنه اسم، إذا لم يقبل هذا اللفظ شككت فيه هل هو اسم أم فعل أم حرف؟ تقول أدخل عليه علامات الأسماء، جرب الكسر، التنوين، ألْ، دخول حروف الجر، إن لم يقبل، حينئذ تقول نجرب علامات الأفعال، فأدخل عليه علامة من علامات الأفعال، فإن قبل فهو فعل، فإن لم يقبل فاحكم عليه مباشرة _بأنه فعل_ إذن بأنه حرف، لما حكمت عليه بأنه حرف؟ لأنك جربت علامات الأسماء _أدلة الأسماء_ فلم يقبلها، وجربت أدلة الأفعال فلم يقبلها، وليس عندنا إلّا اسم وفعل، فإذا انتفى الاسم والفعل تعين الحرف، "والحرف ما ليست له علامة؛ فقس على قولي تكن علّامة"، ولذلك قال [بألا يقبلا] حرف لا يقبل دليلا لاسم ولا فعل، [كَبَلَى]: كقولك: (بلى)، (بلى) حرف، كنعم جوابية لا تقبل علامة من علامات الأسماء، لا الخفض ولا التنوين ولا دخول ألْ ولا حرفا من حروف الجر، وكذلك لا يقبل السين ولا سوف ولا قد ولا تاء التأنيث الساكنة، إذن امتنعت هذه العلامات كلها _وغيرها مما لم يذكرها الناظم_ فتعين أن نحكم على (بَلَى) أنها حرف وليست باسم ولا فعل، هذا ما يتعلق بالباب الأول.
ثم قال _رحمه الله تعالى_: [باب الإعراب]:
عرفنا فيما سبق أن موضوع فن النحو الكلمات العربية من حيث الإعراب والبناء, _لا سؤال في الدرس_, (من حيث الإعراب والبناء)، إذن لابد أن نعرف ما هو الإعراب، ولابد أن نعرف ماهو البناء، غالب البناء أنه يترك لأنه إذا فهم الإعراب فهم البناء، لأنه نقيضه.