لأن الألف لا يناسبها ما قبلها إلّا الفتح؛ فتعذر تحريكها بالكسر، قال تعالى: {قَالَتَا أتَيْنَا طَائِعِينَ}، (قَالَتَا) أي السموات والأرض، وهنا حركت التاء وهي (تاء التأنيث الساكنة أصالة) حركت للتخلص من التقاء الساكنين، ولم يكن كسرةً وإنما كان فتحةً، لأن الألف لا يناسبها ما قبلها إلّا أن يكون مفتوحا.

إذن هذه أربع علامات تدل على أن مدخولها فعل، ثم هي على ثلاثة أقسام: "مشتركة" كـ (قد)، و"مختصة" كـ (السين وسوف) وتدخل على المضارع، و (تاء التأنيث الساكنة) مختصة وتدخل على الفعل الماضي، لم يذكر علامة فعل الأمر لأنه كوفي، ويرى أن فعل الأمر مقتطع من المضارع كما سيأتي.

حينئذ نقول: علامة فعل الأمر:

أولا: [فعل الأمر]: نقول: "كلمة دلت على طلب حصول الحدث _أو حدث_ في الزمن المستقبل"، حينئذ قال"دلت على طلب حدوث"؛ إذن تدل على حدث، فـ (قُمْ) يدل على حدث وهو القيام، وهو المعنى الذي دل عليه الفعل الماضي أو المضارع، لكن هذا الحدث لم يوجد وإنما يطلب حصوله _إيجاده_ في المستقبل، فـ (قُمْ) لم يوجد القيام بعد، وإنما طلب من المخاطب إيجاد هذا القيام في الزمن المستقبل.

[علامته]: مركبة من شيئين: [أولا]: "دلالته على الطلب بالصيغة"، يعني يدل على الطلب، (قُمْ) تفهم منه ماذا؟ الطلب، "مع قبوله ياء المخاطبة أو نون التوكيد الثقيلة أو الخفيفة"، فـ (قُمْ) نقول هذا فعل أمر، لماذا؟ لأنه دلّ على الطلب بالصيغة، يعني بدون واسطة، ثم "يقبل ياء المخاطبة"، إذا خاطبت امرأة تقول لها ماذا؟ (قُومِي) هذه ياء (ياء المخاطب) قَبِلَ؟ نعم قَبِلَ، إذن هو فعل أمر، أو "نون التوكيد الثقيلة أو الخفيفة"، (قُومَنَّ يَا زَيْدُ) , (قُومَنَّ) هذا فعل أمر مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة، إذن علامة فعل الأمر مركبة، مركبة من شيئين: الشيء الأول كونه دالا على الطلب بالصيغة، الشيء الثاني واحد من أمرين: إما قبول ياء المخاطبة، أو نون التوكيد الثقيلة أو الخفيفة، قولنا "يدل على الطلب بصيغته" احترازا مما لو دلّ على الطلب بواسطة، قوله تعالى: {لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ}، (لِيُنْفِقْ) هذا أمر، أليس كذلك؟ دلّ على الطلب أو لا؟ دلّ على الطلب، هل هو فعل أمر؟ الجواب لا، ليس فعل أمر، لماذا؟ لأن دلالته على الطلب بواسطة وهي اللام، (لِ) هذه اللام لام الأمر، (يُنْفِق) هذا فعل مضارع، ولذلك تقول (سَوْفَ يُنْفِقُ زَيْدٌ)، (سَيُنْفِقُ زَيْدٌ)، إذن دخلت (السين وسوف) على (ينفق)، ومع ذلك دلّ على الطلب، لماذا؟ دلّ على الطلب ليس بالصيغة _يعني ليس بالهيئة_ وإنما بواسطة (لام الأمر)، وأما فعل الأمر إنما هو على صيغة (افعل)، فالوجوب حقّق.

ثم قال _رحمه الله تعالى_ مبينا الجزء الثالث:

وَالْحَرْفُ يُعْرَفُ بِألَّا يَقْبَلَا ... لِاسْمٍ وَلَا فِعْلٍ دَلِيلًا كَبَلَى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015