النَّفْسُ وَالعَيْنُ, النفس بسكون الفاء ليس النفس, وهي هنا بمعنى الذات والعين كذلك تفسر بمعنى الذات فكلاهما بمعنى الذات النفس والعين, إذن النفس والعين يؤكد بهما المعارف تقل "جاء زيد نفسه" "جاء زيد عينه" يعنى ذاته ماذا أفادت النفس هنا والعين؟ أفادت رفع احتمال حذف المضاف وهم يعبرون بماذا؟ نفي المجاز وإرادة الحقيقة وعبر بعضهم ما يرفع توهم مضاف إلى المؤكد يعنى نقول جاء زيد يحتمل في لسان العرب أنه جاء رسول ..... 9:33.فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه ويحتمل جاء خبر زيد أو جاء أمر زيد إذن يحتمل ثم مضاف حذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه ويحتمل أنه جاء بذاته هذا الأصل حينئذ لما ورد الاحتمال وأردنا رفع التوهم الذي يمكن أن يكون في ذهن لقلنا جاء زيد نفسه إذن لا أميره ولا رسوله ولا خبره فيحمل على الذات بنفسه إذن جاء زيد يحتمل مجيء ذاته أو خبره أو كتابه فإذا قلت جاء زيد نفسه بعض الاحتمال الثاني أو إن شئت قل ارتفع الاحتمال الثاني الذي هو مجيء الكتاب أو الخبر إذن النفس والعين يؤكد بهما لدفع توهم مضاف محذوف إلى المؤكد هكذا أطلقه النحاة ولكن يقال الأصل في حمل الألفاظ على مدلولها بمعنى إذا قيل جاء زيد فالأصل حمل اللفظ على مدلوله وهو إثبات المجيء لزيد والأمر الآخر يحتاج إلى قرينة فإن وجدت قرينة تدل على أن المراد بنسبة المجيء هنا إلى رسوله أو كتابه حينئذ لا بأس أن يقال به وأما دون قرينة فلا ولذلك يطبق المفسرون على التنبيه في هذا الموضع في قوله "جاء ربك" وجاء ربك يحتمل ماذا؟ مجيء الذات وهو ممتنع عندهم إذن يتعين المجال أي" أمر ربك" وهذا لا شك أنه خطأ غلط فاحش حينئذ نقول الأصل في إسناد الأفعال إلى من أسندت إليه حمله على حقائقها ولا يحمل اللفظ على الاحتمالات أو المجازات إلا بالقرائن والأصل هو حمله على الحقيقة وحيثما استحال الأصل ينتقل إلى المجاز يعنى حيثما استحال حمل اللفظ على الحقيقة والأصل حينئذ ينتقل إلى المجال وجاء زيد الأصل فيه أنه يحمل على ظاهره وهو إسناد المجيء إلى ذاته ولا يحمل على خبره أو كتابه إلا بقرينة ظاهرة وما ذكره النحاة فيه نظر وإن أطبق عليه كثير من النحاة النفس والعين لابد من اتصالهما بضمير يعود إلى المؤكد يناسبه فإن كان المؤكد مفردا مذكرا حينئذ اتصل بالنفس والعين ضمير يعود على المؤكد يطابقه "جاء زيد" نفسه "جاءت هند نفسها" ليطابق هذا الضمير المؤكد جاء زيد نفسه جاءت هند نفسها جاء الزيدان إذا أكدت بالنفس والعين المثنى أو الجمع حينئذ الأفصح في جميع أن تأتي بالنفس والعين على وزن أفعل أنفس وأعين ثم تضيف هذا اللفظ إلى ضمير يناسب ويطابق المؤكد فتقول جاء الزيدان أنفسهما, جاء الزيدان أعينهما جاء الزيدان أنفسهم أعينهم جاءت الهندات أنفسهن إذن جئت بضمير مطابق مع اتحاد اللفظ وهو أنفس وإنما الخلاف يكون في الضمير العائد إلى المؤكد هذا هو الأفصح في الكتب إذن النفس والعين فيؤكد بالنفس وحدها جاء زيد نفسه ويؤكد بالعين وحده تقول جاء زيد عينه ويجوز الجمع بينهما لكن بشرط أن يقدم النفس على العين ولا يجوز العكس جاء زيد نفسه عينه وكل هذا يؤكد بكل ومثلها أجمع للدلالة على الإحاطة والشمول لأن من أساليب العرب إطلاق الكل وإرادة الجزء وهو نوع من أنواع المجاز حينئذ جاء القوم يحتمل أن قوم المجيء هنا مجيء القوم كلهم ويحتمل أنه أطلق الكل وأراد به الجزء يعنى بعض القوم وهو نوع المجاز وهو مسلي ولا إشكال فيه حينئذ إذا أردت نفي المجاز وأردت دلالة اللفظ على الإحاطة والشمول تأتي بلفظ كل وأجمع "جاء القوم كلهم" "فسجد الملائكة كلهم" إذن نقول هذا اللفظ يدل على الإحاطة والشمول بمعنى أنه ينفى استعمال اللفظ أو إطلاق اللفظ العام وإرادة الخاص كما هو شأن العرب كل وأجمع مؤكد بهما للإحاطة والشمول أي العموم كل لرفع احتمال إرادة الخصوص بلفظ العموم نقول جاء القوم فيحتمل مجيء جميعهم ويحتمل مجيء بعضهم وأنك تجوزت وعبرت بالكل عن البعض فإذا قلت كلهم حينئذ رفع هذا الاحتمال كل يؤكد بها بثلاثة شروط:
-الأول أن يكون المؤكد بها مفردا أو جمعا والمثنى لا يؤكد بكل, وإنما الذي يؤكد بلفظ كل هو المفرد والجمع.