فعلم الأصول إنما يبحث في هذه الأدلة الإجمالية، كمطلق الأمر، وكالإجماع والقياس فيبحث عن الأول بأنه للوجوب حقيقة أم للاستحباب، وعن الأخيرين بأنهما حجة أم لا، ويبين أقسامهما.
قوله: " وكيفية الاستفادة منها " يعني أن الأصولي يضع القواعد التي عن طريقها يستطيع الفقيه معرفة كيف يستفيد الأحكام من أدلتها الجزئية أو التفصيلية، فيبين له أحكام الألفاظ ودلالاتها من عموم وخصوص وإطلاق وتقييد وناسخ ومنسوخ وغير ذلك.
قوله: " وحال المستفيد " معرفة حال المستفيد وهو المجتهد سمى مستفيداً لأنه يستفيد بنفسه الأحكام من أدلتها لبلوغه مرتبة الاجتهاد فمعرفة المجتهد وشروط الاجتهاد وحكمه ونحو ذلك يبحث في أصول الفقه.
وأقرب عبارات الحنابلة لعبارة الشيخ هي عبارة صفي الدين الحنبلي في "قواعد الأصول ومعاقد الفصول" (ص/21) حيث قال في تعريف الأصول: (معرفة دلائل الفقه إجمالا وكيفية الاستفادة منها وحال المستفيد) وهذا أيضا تعريف الأرموي والبيضاوي الشافعيان وغيرهما، إلا أنه يؤخذ على هذا التعريف أنه عرف علم الأصول بأنه معرفة دلائل الفقه ... ، والأولى تعريفه بأنه نفس الأدلة لا معرفتها ولا العلم بها.
قال المرداوي في التحبير (1/ 177): "الأصح أن أصول الفقه: الأدلة، لا معرفتها "، وقال أيضا: "إذ العلم والمعرفة بأصول الفقه غير أصول الفقه، فلا يكون داخلاً في ماهيتها" (?).
من دقق النظر في عبارة الشيخ يجد:
أولًا- أن عبارته - رحمه الله - أقرب لتعريف الأصولي لا علم الأصول، فالأصولي هو الذي يبحث عما ذكر وأما علم الأصول فهو الأدلة ذاتها.